أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْمكَاتب، وَقد تقدم فِي كتاب الشُّرُوط: بَاب مَا يجوز من شُرُوط الْمكَاتب، وَقَوله هُنَا: بَاب الْمكَاتب، أَعم من ذَلِك، وَقد تقدم أَيْضا فِي كتاب الْعتْق: بَاب مَا يجوز من شُرُوط الْمكَاتب، وَمن اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله. وَحَدِيث الْأَبْوَاب الثَّلَاثَة وَاحِد، وتكرار التراجم لَا يدل على زِيَادَة فَائِدَة إلاَّ فِي شَيْء وَاحِد، وَهُوَ أَنه فسر قَوْله: لَيْسَ فِي كتاب الله، بقوله: (الَّتِي تخَالف كتاب الله) لِأَن المُرَاد بِكِتَاب الله حكمه، وَحكمه تَارَة يكون بطرِيق النَّص وَتارَة يكون بطرِيق الإستنباط مِنْهُ، وكل مَا لم يكن من ذَلِك فَهُوَ مُخَالف لما فِي كتاب الله.
وَقَالَ جابِرُ بنُ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فِي المُكَاتَبِ شُرُوطُهُمْ بَيْنَهُمْ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله سُفْيَان الثَّوْريّ فِي كتاب الْفَرَائِض لَهُ من طَرِيق مُجَاهِد عَن جَابر، وَالْمعْنَى: شُرُوط المكاتبين وساداتهم مُعْتَبرَة بَينهم.
وَقَالَ ابنُ عُمَرَ أوْ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما كُلُّ شَرْطٍ خالَفَ كِتابَ الله فَهْوَ باطلٌ وإنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ
هَكَذَا وَقع لأكْثر الروَاة، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: وَقَالَ ابْن عمر، فَقَط. وَلم يقل: أَو عمر، وَوَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله يُقالُ عنْ كِلَيْهِمَا عنْ عُمَرَ وابنِ عُمَرَ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ. قَوْله: (عَن كليهمَا) أَي: عَن عمر وَعَن ابْنه عبد الله، وَقد تقدم فِيمَا مضى فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فِي قصَّة بَرِيرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل وَإِن كَانَ مائَة شَرط، قَضَاء الله أَحَق، وَشرط الله أوثق) . وَيَأْتِي الْآن أَيْضا فِي حَدِيث الْبَاب، وَالْمعْنَى: كل شَرط لَيْسَ فِي حكم الله وقضائه فِي كِتَابه أَو سنة رَسُوله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَهُوَ بَاطِل.
5372 - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ عنْ يَحْيى عنْ عَمْرَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ أتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْألُهَا فِي كِتَابَتِهَا فقالَتْ إنْ شِئْتِ أعْطَيْتُ أهْلَكِ ويَكُونُ الوَلاءُ لي فلَمَّا جاءَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَكَّرْتُهُ ذلِكَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْتاعِيهَا فأعْتِقِيهَا فإنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ ثُمَّ قامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى المِنْبَرِ فَقَالَ مَا بالُ أقْوامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ الله مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ الله فلَيْسَ لَهُ وإنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ..
قد تقدم هَذَا الحَدِيث غير مرّة، وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَآخر مَا ذكر فِي أَوَاخِر كتاب الْعتْق.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يجوز من الِاشْتِرَاط. وَقَالَ ابْن بطال: وَقع فِي بعض النّسخ: بَاب مَا لَا يجوز فِي الِاشْتِرَاط والثنيا، قَالَ: وَهُوَ خطأ، وَالصَّوَاب: بَاب مَا يجوز، والْحَدِيث الَّذِي ذكره البُخَارِيّ بعد يدل على صِحَّته. قَوْله: (والثنيا) ، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون النُّون بعْدهَا يَاء آخر الْحُرُوف مَقْصُور أَي: الِاسْتِثْنَاء فِي الْإِقْرَار سَوَاء كَانَ اسْتثِْنَاء قليلٍ من كثير، أَو بِالْعَكْسِ، فَالْأول لَا خلاف فِيهِ أَنه يجوز، وَالثَّانِي مُخْتَلف فِيهِ. وَحَدِيث الْبَاب يدل على جَوَاز اسْتثِْنَاء الْقَلِيل من الْكثير، وَهَذَا جَائِز عِنْد أهل اللُّغَة وَالْفِقْه والْحَدِيث قَالَ الدَّاودِيّ: أَجمعُوا على من اسْتثْنى فِي إِقْرَاره مَا بَقِي بعده بَقِيَّة مَا أقرّ بِهِ أَن لَهُ ثنياه، فَإِذا