6962 - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبِي ذِئبٍ قَالَ حدَّثنا الزُّهْرِيُّ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عبْدِ الله عنْ أبِي هُرَيْرَةَ وزَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَا جاءَ أعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رسولَ الله اقْضِ بَيْنَنَا بِكتابِ الله فقامَ خَصْمُهُ فَقَالَ صدَقَ اقْضِ بيْنَنَا بِكِتَابِ الله فَقَالَ الأعْرَابِيُّ أنَّ ابْني كانَ عَسِيفاً على هذَا فَزنَى بامْرَأتِهِ فَقَالُوا لي على ابْنِكَ الرَّجْمُ فَفَدَيْتُ ابْنِي منْهُ بِمَائَةٍ مِنَ الغَنَمِ ووَلِيدَةٍ ثُمَّ سألْتُ أهْلَ العِلْمِ فَقَالُوا إنَّمَا علَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عامٍ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ الله أمَّا الوَلِيدَةُ والغَنَمُ فَرَدَّ علَيْكَ وعَلى ابْنِكَ جَلْد مِائَةٍ وتَغرِيبُ عامٍ وأمَّا أنْتَ يَا أُنَيْسُ لرَجُلٍ فاْغْدُ على امْرَأة هاذَا فارْجُمْهَا فَغَدَا علَيْهَا أَُنَيْسٌ فرَجَمَهَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أما الوليدة وَالْغنم فَرد عَلَيْك) ، لِأَنَّهُ فِي معنى الصُّلْح عَمَّا وَجب على العسيف من الْحَد، وَلم يكن ذَلِك جَائِزا فِي الشَّرْع فَكَانَ جوراً.
وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس: واسْمه عبد الرَّحْمَن، أَصله من خُرَاسَان، سكن فِي عسقلان. وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود.
وَبَعض هَذَا الحَدِيث مر فِي الْوكَالَة فِي: بَاب الْوكَالَة فِي الْحُدُود، وَقد مر الْكَلَام فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ وبتعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره، ولنتكلم بِمَا يتَعَلَّق بِهِ هُنَا.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بِكِتَاب الله) أَي: بِحكم كتاب الله تَعَالَى. فَإِن قلت: هَذَا وخصمه كَانَا يعلمَانِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحكم إلاَّ بِكِتَاب الله، فَمَا معنى قَوْلهمَا: إقض بَيْننَا بِكِتَاب الله تَعَالَى؟ قلت: ليفصل بَينهمَا بالحكم الصّرْف، لَا بِالصُّلْحِ، إِذْ للْحَاكِم أَن يفعل ذَلِك لَكِن برضاهما. قَوْله: (عسيفاً) ، أَي: أَجِيرا، وَيجمع على: عسفاء، ذكره الْأَزْهَرِي وعسفة، على غير قِيَاس، ذكره ابْن سَيّده، وَقيل: كل خَادِم عسيف، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وعسيف فعيل بِمَعْنى مفعول كأسير، أَو بِمَعْنى: فَاعل، كعليم من العسف الْجور أَو الْكِفَايَة. قَوْله: (على هَذَا) ، إِنَّمَا قَالَ: على هَذَا، وَلم يقل: لهَذَا، ليعلم أَنه أجِير ثَابت الْأُجْرَة عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يكون كَذَلِك إِذا لابس الْعَمَل وأتمه، وَلَو قَالَ: لهَذَا، لم يلْزم ذَلِك. قَوْله: (ووليدة) ، أَي: قَوْله: (ثمَّ سَأَلت أهل الْعلم) ، أَرَادَ بهم الصَّحَابَة الَّذين كَانُوا يفتون فِي عصر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وهم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَثَلَاثَة من الْأَنْصَار: أبي بن كَعْب ومعاذ بن جبل وَزيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. قَوْله: (وتغريب عَام) ، التَّغْرِيب، بالغين الْمُعْجَمَة: النَّفْي عَن الْبَلَد الَّذِي وَقعت فِيهِ الْجِنَايَة، يُقَال: أغربته وغرَّبته إِذا نحيته وأبعدته، والغرب الْبعد. قَوْله: (لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله) ، أَي: بِحكمِهِ، إِذْ لَيْسَ فِي الْكتاب ذكر الرَّجْم، وَقد جَاءَ الْكتاب بِمَعْنى الْفَرْض قَالَ تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الصّيام} (الْبَقَرَة: 381) . أَي: فرض، وَيحْتَمل أَن يكون: فرض أَولا ثمَّ نسخ لَفظه دون حكمه، على مَا رُوِيَ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ: قرأناها فِيمَا أنزل الله تَعَالَى: {الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ بِمَا قضيا من اللَّذَّة} (النِّسَاء: 61) . وَيُقَال: الرَّجْم، وَإِن لم يكن مَنْصُوصا عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن باسمه الْخَاص، فَإِنَّهُ مَذْكُور فِيهِ على سَبِيل الْإِجْمَال، وَهُوَ قَوْله عز وَجل: {فآذوهما} (النِّسَاء: 61) . والأذى يَتَّسِع فِي مَعْنَاهُ الرَّجْم وَغَيره من الْعقُوبَة. قَوْله: (فردٌّ عَلَيْك) ، رد مصدر، وَلِهَذَا وَقع خَبرا، وَالتَّقْدِير: فَهُوَ رد، أَي: مَرْدُود عَلَيْك، ويروى: (فَترد عَلَيْك) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمُضَارع. قَوْله: (يَا أنيس) ، تَصْغِير أنس قيل: هُوَ ابْن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ يعد فِي الشاميين، ومخرج حَدِيثه عَلَيْهِم، وَقد حدث عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ ابْن التِّين: هُوَ تَصْغِير أنس بن مَالك خَادِم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذهب ابْن عبد الْبر إِلَى أَنه الضَّحَّاك بن مرْثَد الغنوي وَالْأول أشهر، قَوْله: (فاغدُ) أَي: ائتها غدْوَة، قَالَه ابْن التِّين، ثمَّ قَالَ: قيل فِيهِ تَأْخِير الحكم إِلَى الْغَد، وَقَالَ غَيره: لَيْسَ مَعْنَاهُ أمض إِلَيْهَا بكرَة، بل مَعْنَاهُ: إمش إِلَيْهَا، وَكَذَا معنى قَوْله: فغدا عَلَيْهَا، أَي: مَشى إِلَيْهَا. قَوْله: (فرجمها) ، أَي: بعد أَن ثَبت باعترافها فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي تَخْصِيص أنيس بِهَذَا الحكم؟ قلت: لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ يَأْمر فِي الْقَبِيلَة إلاَّ رجلا مِنْهَا لنفورهم من حكم غَيرهم، وأنيساً كَانَ أسلمياً، وَالْمَرْأَة كَانَت أسلمية.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: من ذَلِك احْتج بِهِ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَابْن أبي ليلى وَالْحسن ابْن أبي حَيّ، وَالشَّافِعِيّ وَأحمد