فَيكون لَهُ. وَالْآخر: أَن يُعْطِيهِ نَاقَة أَو شَاة ينْتَفع بحلبها ووبرها زَمنا ثمَّ يردهَا. قلت: المنيحة فِي الأَصْل الْعَطِيَّة من منح إِذا أعْطى وَكَذَلِكَ المنحة، بِالْكَسْرِ.
9262 - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا مالكٌ عنْ أبِي الزِّنَادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نِعْمَ المَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفيُّ مِنْحَةً والشَّاةُ الصَّفيُّ تَغْدُو بإناءٍ وتَرُوحُ بإنَاءٍ.
(الحَدِيث 9262 طرفه فِي: 8065) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر المنيحة بالمدح، وَلَا يمدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، شَيْئا إلاَّ فِي الْعَمَل بِهِ فضل. وَأَبُو الزِّنَاد، بالزاي وَالنُّون: وَعبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
قَوْله: (نعم المنيحة) ، بِفَتْح الْمِيم وَكسر النُّون. وَقد ذَكرنَاهَا الْآن. قَوْله: (اللقحة) ، بِكَسْر اللَّام: بِمَعْنى الملقوحة، أَي: الحلوب من النَّاقة. وَفِي (التَّلْوِيح) : اللقحة، بِكَسْر اللَّام: الشَّاة الَّتِي لَهَا لبن، وَبِفَتْحِهَا الْمرة الْوَاحِدَة من الْحَلب، وَقيل فِيهَا الْفَتْح وَالْكَسْر، واللقحة مَرْفُوع لِأَنَّهُ صفة المنيحة. وَقَوله: (الصفي) ، صفة بعد صفة، وَمَعْنَاهَا: الْكَثِيرَة اللَّبن. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الصفي صفة للقحة، فَلم مادخل عَلَيْهَا التَّاء؟ قلت: لِأَنَّهُ إِمَّا فعيل أَو فعول، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث. فَإِن قلت: فَلِمَ دَخل على المنيحة؟ قلت: لنقل اللَّفْظ من الوصفية إِلَى الإسمية، أَو لِأَن اسْتِوَاء التَّذْكِير والتأنيث إِنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ موصوفه مَذْكُورا. انْتهى. قلت: رُوِيَ أَيْضا: الصفية، بتاء التَّأْنِيث، فَلَا حَاجَة إِلَى قَوْله: لِأَنَّهُ إِمَّا فعيل أَو فعول، على أَن قَوْله: إِمَّا فعيل، غير صَحِيح، لِأَنَّهُ من معتل اللَّام الواوي دون اليائي. قَوْله: (منحة) ، نصب على التَّمْيِيز. وَقَالَ ابْن مَالك: فِيهِ وُقُوع التَّمْيِيز بعد فَاعل: نعم، ظَاهرا وَقد مَنعه سِيبَوَيْهٍ إلاَّ مَعَ الْإِضْمَار، مثل: (بئس للظالمين بَدَلا) ، وَجوزهُ الْمبرد وَهُوَ الصَّحِيح. قَوْله: (وَالشَّاة الصفي) ، صفة وموصوف عطف على مَا قبله، وَقد مضى معنى: الصفي، قَوْله: (تَغْدُو بِإِنَاء وَتَروح بِإِنَاء) أَي: من اللَّبن، أَي: تحلب إِنَاء بِالْغُدُوِّ وإناء بالْعَشي، وَقيل: تَغْدُو بِأَجْر حلبها فِي الغدو والرواح. وَوَقع هَذَا الحَدِيث فِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد بِلَفْظ: (إلاَّ رجل يمنح أهل بَيت نَاقَة تَغْدُو بِإِنَاء وَتَروح بِإِنَاء، إِن أجرهَا لعَظيم) .
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ واسْمَاعِيلُ عنْ مالِكٍ قَالَ نِعْمَ الصَّدَقَةِ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن عبد الله بن يُوسُف التنيسِي وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك بن أنس رويا عَن مَالك، قَالَ: (نعم الصَّدَقَة اللقحة الصفي منحة) ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور عَن مَالك، وَكَذَا رَوَاهُ شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَشْرِبَة، وَقَالَ ابْن التِّين: من روى: (نعم الصَّدَقَة) ، روى بِالْمَعْنَى، لِأَن المنحة الْعَطِيَّة، وَالصَّدَََقَة أَيْضا عَطِيَّة. وَقَالَ بَعضهم: لَا تلازم بَينهمَا، فَكل صَدَقَة عَطِيَّة، وَلَيْسَ كل عَطِيَّة صَدَقَة. وَإِطْلَاق الصَّدَقَة على المنيحة مجَاز، وَلَو كَانَت المنيحة صَدَقَة لما حلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بل هِيَ من جنس الْهَدِيَّة وَالْهِبَة. انْتهى. قلت: أَرَادَ ابْن التِّين بقوله: روى بِالْمَعْنَى، الْمَعْنى اللّغَوِيّ، وَلَا فرق فِي اللُّغَة بَين الْعَطِيَّة والمنحة وَالصَّدَََقَة وَالْهِبَة والهدية، لِأَن معنى الْعَطِيَّة مَوْجُود فِي الْكل بِحَسب اللُّغَة، وَإِنَّمَا الْفرق بَينهمَا فِي الِاسْتِعْمَال، ألاَ ترى أَنه لَو تصدق على غَنِي تكون هبة، وَلَو وهب لفقير تكون صَدَقَة، وَقَالَ ابْن بطال: المنحة تمْلِيك الْمَنَافِع لَا تمْلِيك الرّقاب وَالسّنة أَن ترد المنيحة إِلَى أَهلهَا إِذا اسْتغنى عَنْهَا، كَمَا رد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أم أنس، وَلما فتح الله على رَسُوله غَنَائِم خَيْبَر رد الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَار منائحهم، وثمارهم كَمَا سَيَجِيءُ الْآن.
0362 - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا ابنُ وَهْبٍ قَالَ حدَّثنا يونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ المَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ وليْسَ بِأيْدِيهِمْ يَعْني شَيئاً وكانَتِ الأنْصِارُ أهْلَ الأرْضِ والعَقَارِ فَقَاسَمَهُمُ الأنْصَارُ على أنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أمْوَالِهِمْ كُلَّ عامٍ ويَكْفُوهُمْ العَمَلَ والمَؤنَةَ وكانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ كانَتْ أُمُّ عَبْدِ الله بنِ أبِي طَلْحَةَ فَكانَتْ أعْطَتْ أُمُّ أنَسٍ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عذاقاً فَأَعْطَاهُنَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُمَّ أيْمَنَ