رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شاهِدُكَ أوْ يَمينُهُ قُلْتُ إنَّهُ إذَاً يَحْلِفَ وَلَا يُبَالي فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ حَلَفَ عَلَى يَمينٍ يَسْتَحِقُّ بِها مَالا وهْوَ فِيهَا فاجِرٌ لَقيَ الله وهْوَ علَيْهِ غَضْبان فأنْزَلَ الله تَصْدِيقَ ذَلِكَ ثُمَّ اقْتَرَأَ هاذِهِ الْآيَة: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وأيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} إِلَى {ولَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ} ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (شاهدك أَو يَمِينه) والْحَدِيث مضى فِي كتاب الشّرْب فِي: بَاب الْخُصُومَة فِي الْبِئْر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن عبد الله ... إِلَى آخِره. وَأخرجه هُنَا عَن قُتَيْبَة عَن جرير بن عبد الحميد عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن أبي وَائِل، هُوَ شَقِيق بن سَلمَة، قَوْله: (قَالَ: قَالَ عبد الله) ، هُوَ عبد الله بن مَسْعُود. قَوْله: (وَهُوَ فِيهَا فَاجر) أَي: كَاذِب، وَهُوَ من بَاب الْكِنَايَة، إِذْ الْفُجُور لَازم الْكَذِب، وَالْوَاو فِي: وَهُوَ، للْحَال. قَوْله: (غَضْبَان) ، وَإِطْلَاق الْغَضَب على الله تَعَالَى من بَاب الْمجَاز، إِذْ المُرَاد لَازمه، وَهُوَ إِرَادَة إِيصَال الْعَذَاب. قَوْله: (ثمَّ إِن الْأَشْعَث) ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة. قَوْله: (أَبُو عبد الرَّحْمَن) ، هُوَ كنية عبد الله بن مَسْعُود. قَوْله: (فَحَدَّثنَاهُ) ، بِفَتْح الدَّال. قَوْله: (لفي) ، بِفَتْح اللَّام وَكسر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (أنزلت) ، ويروى: نزلت. قَوْله: (شاهدك) ، ويروى: شَاهِدَاك. قَوْله: (إِذا يحلف) ، بِنصب الْفَاء، وَقد مر الْبَحْث فِيهِ هُنَاكَ مستقصًى.
بِسم الله الرَّحمانِ الرَّحِيمِ
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْعتْق، ذَا هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَلكنه ذكره قبل الْبَسْمَلَة، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين هَكَذَا: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي الْعتْق وفضله، وَفِي رِوَايَة ابْن شبويه: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، بَاب فِي الْعتْق، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: كتاب الْعتْق: بَاب مَا جَاءَ فِي الْعتْق وفضله. الْعتْق لُغَة: الْقُوَّة، من عتق الطَّائِر إِذا قوي على جناحيه، وَفِي الشَّرْع: عبارَة عَن قُوَّة شَرْعِيَّة فِي مَمْلُوك، وَهِي إِزَالَة الْملك عَنهُ، وَالرّق ضعف شَرْعِي يثبت فِي الْمحل فيعجزه عَن التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة، ويسلبه أَهْلِيَّة الْقَضَاء وَالشَّهَادَة والسلطنة والتزوج، وَغير ذَلِك، وَالْعتاق اسْم لِلْعِتْقِ، يُقَال: أعتقت العَبْد أعْتقهُ إعتاقا وعتاقة، وَالْإِعْتَاق إِثْبَات الْعتْق عِنْد أبي يُوسُف، وَمُحَمّد، وَعند أبي حنيفَة: إِثْبَات الْفِعْل المفضي إِلَى حُصُول الْعتْق.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي أَمر الْعتْق، وَفِي بَيَان فَضله. قَوْله: (وَقَول الله عز وَجل) ، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: فِي الْعتْق. قَوْله: {فك رَقَبَة} (الْبَلَد: 31 51) . أَولهَا قَوْله: {فَلَا اقتحم الْعقبَة وَمَا ادراك مَا الْعقبَة فك رَقَبَة} (الْبَلَد: 11 31) . الضَّمِير فِي: فَلَا اقتحم، يرجع إِلَى الْإِنْسَان فِي قَوْله: {لقد خلقنَا الْإِنْسَان} (الْبَلَد: 4) . المُرَاد مِنْهُ: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: أهلكت مَالا كثيرا فِي عَدَاوَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ الله عز وَجل: {أيحسب} أَي: أيظن هَذَا {أَن لم يره} أَي: أَن لم ير مَا أنفقهُ {أحد} (الْبَلَد: 7) . من النَّاس؟ ثمَّ ذكر الله النعم ليعتبر. فَقَالَ: {ألم نجْعَل لَهُ عينين وَلِسَانًا وشفتين وهديناه النجدين} (الْبَلَد: 8 01) . أَي: سَبِيل الْخَيْر وَالشَّر، قَالَه أَكثر الْمُفَسّرين، وَقيل: الْحق وَالْبَاطِل، وَقيل الْهدى والضلالة، وَقيل: الشقاوة والسعادة. والنجد: الْمُرْتَفع من الأَرْض. ثمَّ قَالَ: {فَلَا أقتحم الْعقبَة} (الْبَلَد: 7) . أَي: فَلَا دخل هَذَا الْإِنْسَان الْعقبَة، والاقتحام: الدُّخُول فِي الْأَمر الشَّديد، والعقبة: جبل فِي جَهَنَّم، وَقيل: هِيَ عقبَة دون الْحَشْر، وَقيل: سَبْعُونَ دركة من جَهَنَّم، وَقيل: الصِّرَاط، وَقيل: نَار دون الْحَشْر. وَقَالَ الْحسن: عقبَة وَالله شَدِيدَة. قَوْله: {وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة} (الْبَلَد: 31 51) . أَي: مَا اقتحام الْعقبَة؟ قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: كل شَيْء قَالَ: {وَمَا أَدْرَاك} فَإِنَّهُ أخبرهُ بِهِ، وَمَا قَالَ: {وَمَا يدْريك} فَإِنَّهُ لم يُخبرهُ بِهِ. قَوْله: {فك رَقَبَة} قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ: فك، بِفَتْح الْكَاف، وَأطْعم بِفَتْح الْمِيم على الْفِعْل، وَالْبَاقُونَ بِالْإِضَافَة على الإسم، لِأَنَّهُ تَفْسِير. قَوْله: {وَمَا