من حَيَاة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سِتّ سِنِين. قَوْله: (وَذَهَبت بِهِ أمه زَيْنَب بنت حميد) ، بِضَم الْحَاء: ابْن زُهَيْر بن الْحَارِث بن أَسد بن عبد الْعُزَّى، وَهِي من الصحابيات. قَوْله: (بَايعه) أَمر من الْمُبَايعَة، وَهِي المعاقدة على الْإِسْلَام، كَأَن كل وَاحِد من الْمُبَايِعين بَاعَ مَا عِنْده من صَاحبه وَأَعْطَاهُ خَالِصَة نَفسه وطاعته ودخيلة أمره، وَعلل، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لترك الْمُبَايعَة بقوله: هُوَ صَغِير، وَلكنه مسح رَأسه ودعا لَهُ. قَوْله: (وَعَن زهرَة) ، قد ذكرنَا أَنه مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (فَيَقُولَانِ لَهُ) ، أَي: يَقُول ابْن عمر وَابْن الزبير لعبد الله بن هِشَام: أشركنا، بِفَتْح الْهمزَة يَعْنِي: إجعلنا شَرِيكَيْنِ لَك فِي الطَّعَام الَّذِي اشْتَرَيْته. قَوْله: (فيشركهم) ، بِضَم الْيَاء، أَي: فيجعلهم شُرَكَاء مَعَه فِيمَا اشْتَرَاهُ. قَوْله: (فَرُبمَا أصَاب الرَّاحِلَة) ، أَي: من الرِّبْح. قَوْله: (كَمَا هِيَ) ، أَي: بِتَمَامِهَا.
وَفِيه من الْفَوَائِد: مسح رَأس الصَّغِير. وَفِيه: ترك مبايعة من لم يبلغ، وَقَالَ الدَّاودِيّ: وَكَانَ يُبَايع الْمُرَاهق الَّذِي يُطيق الْقِتَال. وَفِيه: الدُّخُول فِي السُّوق لطلب المعاش وَطلب الْبركَة حَيْثُ كَانَت. وَفِيه: الرَّد على جهلة المتزهدة فِي اعْتِقَادهم أَن السعَة من الْحَلَال مذمومة، نبه عَلَيْهِ ابْن الْجَوْزِيّ. وَفِيه: أَن الصَّغِير إِذا عقل شَيْئا من الشَّارِع كَانَ ذَلِك صُحْبَة، قَالَه الدَّاودِيّ. وَقَالَ ابْن التِّين: فِيهِ نظر. وَفِيه: أَن النِّسَاء كن يذْهبن بالأطفال إِلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِيه: طلب التِّجَارَة وسؤال الشّركَة. وَفِيه: معْجزَة من معجزات النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي: إِجَابَة دُعَائِهِ فِي عبد الله بن هِشَام. وَفِيه: أَن لفظ: أَشْرَكتك، إِذا أطلق يكون تشريكاً فِي النّصْف، قَالَ الْكرْمَانِي: قَالَه الْفُقَهَاء.
قالَ أبُو عَبْدِ الله إِذا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أشْرِكْنِي فإذَا سَكَتَ فَهْوَ شَرِيكُهُ بالْنِّصْفِ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه أَرَادَ أَنه إِذا رأى رجل رجلا يَشْتَرِي شَيْئا فَقَالَ لَهُ: أشركني فِيمَا اشْتَرَيْته، فَسكت الرجل وَلم يرد عَلَيْهِ بِنَفْي وَلَا إِثْبَات، يكون شَرِيكا لَهُ بِالنِّصْفِ، لِأَن سُكُوته يدل على الرِّضَا.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الشّركَة فِي الرَّقِيق، قَالَ ابْن الْأَثِير: الرَّقِيق الْمَمْلُوك فعيل بِمَعْنى مفعول، وَقد يُطلق على الْجَمَاعَة، تَقول: رق العَبْد وأرقه واسترقه. وَفِي (الْمغرب) : الرَّقِيق العَبْد، وَقد يُقَال للعبيد وَمِنْه هَؤُلَاءِ: رقيقي، ورق العَبْد رقا: صَار رَقِيقا، واسترقه اتَّخذهُ رَقِيقا.
3052 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا جُوَيْرِيَةُ بنُ أسْمَاءَ عنُ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ أعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي مَمْلُوكٍ وجَبَ علَيْهِ أنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ إنْ كانَ لَهُ مالٌ قدْرَ ثَمَنِهِ يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ ويُعْطاى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ ويُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (من أعتق شركا لَهُ) لِأَن الاعتاق يبْنى على صِحَة الْملك، فَلَو لم تكن الشّركَة فِي الرَّقِيق صَحِيحَة لما ترَتّب عَلَيْهَا صِحَة الْعتْق، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب تَقْوِيم الْأَشْيَاء بَين الشُّرَكَاء بِقِيمَة عدل، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عمرَان بن ميسرَة عَن عبد الْوَارِث عَن أَيُّوب عَن نَافِع، وَقد ذكر هُنَاكَ من أخرجه غَيره، وَالْبُخَارِيّ أخرج حَدِيث ابْن عمر فِي الْعتْق من طرق كَثِيرَة ووجوه مُخْتَلفَة فِي مَوَاضِع مُتعَدِّدَة. قَوْله: (وَجب عَلَيْهِ أَن يعْتق كُله إِن كَانَ لَهُ مَال) ، بِهِ تعلق الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق: أَن الضَّمَان لَا يجب على أحد الشَّرِيكَيْنِ للْآخر لقيمة نصِيبه إِلَّا إِذا كَانَ مُوسِرًا. قَوْله: (سَبِيل الْمُعْتق) ، بِفَتْح التَّاء وَقد مر الْبَحْث فِيهِ هُنَاكَ مستقصًى.
4052 - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا جَرِيرُ بنُ حازِمٍ عنْ قَتادَةَ عنِ النَّضْرِ بنِ أنَسٍ عنْ بَشيرِ ابنِ نَهِيكٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ أعْتَقَ شِقْصاً لَهُ فِي عَبْدٍ