الْعَامِل، وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء: إِذا سمى حِصَّة نَفسه لم يكن الْبَاقِي لِلْعَامِلِ حَتَّى يُسَمِّي لَهُ حِصَّته، وَاحْتج بِهِ أَحْمد: أَنه إِذا كَانَ الْبذر من عِنْد الْعَامِل جَازَ، وَذهب ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف إِلَى أَنَّهَا جَائِزَة، سَوَاء كَانَ الْبذر من عِنْد الأكار أَو رب الأَرْض. وَقَالَ ابْن التِّين: اسْتدلَّ بِهِ من أجَاز قرض النَّصْرَانِي، وَلَا دَلِيل فِيهِ لِأَنَّهُ قد يعْمل بالربا وَنَحْوه، بِخِلَاف الْمُسلم، وَالْعَمَل فِي النّخل وَالزَّرْع لَا يخْتَلف فِيهِ عمل يَهُودِيّ من نَصْرَانِيّ، وَلَو كَانَ الْمُسلم فَاسِقًا يخْشَى أَن يعْمل بِهِ ذَلِك، كره أَيْضا كالنصراني بل أَشد، وَقَالَ الْمُهلب: وكل مَا لَا يدْخلهُ رَبًّا وَلَا ينْفَرد بِهِ الذِّمِّيّ فَلَا بَأْس بشركة الْمُسلم لَهُ فِيهِ.

21 - (بابُ قِسْمَةِ الْغَنَمِ والْعَدْلِ فِيها)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم قسْمَة الْغنم وَالْعدْل فِيهَا، أَي: فِي قسْمَة الْغنم.

0052 - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يَزيدَ بنِ أبِي حَبِيبٍ عنْ أبِي الخَيْرِ عنْ عُقْبَةَ بنِ عامِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطَاهُ غنَماً يَقْسِمُها علَى صَحَابَتِهِ وضَحايا فبَقِيَ عَتُودٌ فَذَكرَهُ لرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ضَحِّ بِهِ أنْتَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث بِعَين هَذَا الْمَتْن وبعين هَذَا الْإِسْنَاد فِي أول كتاب الْوكَالَة، غير أَن شَيْخه هُنَاكَ عَمْرو بن خَالِد عَن اللَّيْث، وَهنا قُتَيْبَة عَنهُ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (عتود) ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَضم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: وَهُوَ مَا بلغ الرَّعْي وَقَوي وَبلغ حولا، وَهَذِه الْقِسْمَة يجوز فِيهَا من الْمُسَامحَة والمساهلة مَا لَا يجوز فِي الْقِسْمَة الَّتِي هِيَ تَمْيِيز الْحُقُوق، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا وكل عقبَة على تَفْرِيق الضَّحَايَا على أَصْحَابه، وَلم يعين لأحد مِنْهُم شَيْئا بِعَيْنِه، فَكَانَ تفريقاً موكولاً إِلَى اجْتِهَاد عقبَة، وَكَانَ ذَلِك على سَبِيل التَّطَوُّع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَا أَنَّهَا كَانَت وَاجِبَة عَلَيْهِ لأَصْحَابه، فَلم يكن على عقبَة حرج فِي قسمتهَا وَلَا لزمَه من أحد مِنْهُم ملامة إِن أعطَاهُ دون مَا أعْطى صَاحبه، وَلَيْسَ كَذَلِك الْقِسْمَة بَين حُقُوقهم الْوَاجِبَة، فَإِنَّهَا مُتَسَاوِيَة فِي الْمَقْسُوم، فَهَذِهِ لَا يكون فِيهَا تغابن وَلَا ظلم على أحد مِنْهُم.

وَفِيه: استيمار الْوَكِيل مَا يصنع بِمَا فضل. وَفِيه: التَّفْوِيض إِلَى الْوَكِيل. وَفِيه: قبُول الْعَطِيَّة والتضحية بهَا.

31 - (بابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعامِ وغَيْرِهِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الشّركَة فِي الطَّعَام وَغَيره، هُوَ كل مَا يجوز تملكه، وَقَالَ بَعضهم: وَغَيره، أَي: من الْمِثْلِيَّات، وَالَّذِي قُلْنَا هُوَ أَعم وَأحسن، وَجَوَاب التَّرْجَمَة: يجوز ذَلِك، لِأَن الشّركَة بيع من الْبيُوع فَيجوز فِي الطَّعَام وَغَيره، وَكره مَالك الشّركَة فِي الطَّعَام بالتساوي أَيْضا فِي الْكَيْل والجودة، لِأَنَّهُ يخْتَلف فِي الصّفة وَالْقيمَة، وَلَا تجوز الشّركَة إلاَّ على الاسْتوَاء فِي ذَلِك، وَلَا يكَاد أَن يجمع فِيهِ ذَلِك فكرهه، وَلَيْسَ الطَّعَام مثل الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم الَّتِي هِيَ على الاسْتوَاء عِنْد النَّاس. وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: تجوز الشّركَة بِالْحِنْطَةِ إِذا اشْتَركَا على الْكَيْل وَلم يشتركا على الْقيمَة، وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْر الشّركَة بِالطَّعَامِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: تجوز الشّركَة بالقمح وَالزَّيْت لِأَنَّهُمَا يختلطان جَمِيعًا، وَلَا يتَمَيَّز أَحدهمَا من الآخر. وَاخْتلفُوا فِي الشّركَة بالعروض، فجوزها مَالك وَابْن أبي ليلى، ومنعها الثَّوْريّ والكوفيون وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا تجوز الشّركَة فِي كل مَا يرجع فِي حَال المفاضلة إِلَى الْقيمَة إلاَّ أَن يَبِيع نصف عرضه بِنصْف عرض الآخر ويتقابضان.

ويُذْكَرُ أنَّ رَجُلاً ساوَمَ شَيْئاً فغَمَزَهُ آخَرُ فَرَأى عُمَرُ أنَّ لَهُ شَرِكَةً

كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، فَرَأى عمر، وَفِي رِوَايَة ابْن شبويه: فَرَأى ابْن عمر، وَالْأول أصح، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق إِيَاس بن مُعَاوِيَة أَن عمر أبْصر رجلا يساوم سلْعَة وَعِنْده رجل، فغمزه حَتَّى اشْتَرَاهَا، فَرَأى عمر أَنَّهَا شركَة، وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ لَا يشْتَرط للشَّرِكَة صِيغَة ويكتفي فِيهَا بِالْإِشَارَةِ إِذا ظَهرت الْقَرِينَة، وَهُوَ قَول مَالك، وَعَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015