يُوسُف الأول وَبِه قَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد لِأَن الْغَصْب عِنْدهم يتَحَقَّق فِي الْعقار وَالْخلاف فِي الْغَصْب لَا فِي الْإِتْلَاف وَبَعض مَشَايِخنَا قَالُوا يتَحَقَّق الْغَصْب فِي الْعقار أَيْضا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف لَكِن لَا على وَجه يُوجب الضَّمَان وَالْأَكْثَرُونَ على أَنه لَا يتَحَقَّق فِي الْعقار أصلا وَالِاسْتِدْلَال بِحَدِيث الْبَاب على مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ غير مُسْتَقِيم لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل جَزَاء غصب الأَرْض التطوق يَوْم الْقِيَامَة وَلَو كَانَ الضَّمَان وَاجِبا لبينه لِأَن الضَّمَان من أَحْكَام الدُّنْيَا فالحاجة إِلَيْهِ أمس وَالْمَذْكُور جَمِيع جَزَائِهِ فَمن زَاد عَلَيْهِ كَانَ نسخا وَذَا لَا يجوز بِالْقِيَاسِ وَإِطْلَاق لفظ الْغَصْب عَلَيْهِ لَا يدل على تحقق الْغَصْب الْمُوجب للضَّمَان كَمَا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أطلق لفظ البيع على الْحر بقوله " من بَاعَ حرا " وَلَا يدل ذَلِك على البيع الْمُوجب للْحكم على أَنه جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظ أَخذ فَقَالَ من أَخذ شبْرًا من الأَرْض ظلما فَإِنَّهُ يطوقه الله يَوْم الْقِيَامَة من سبع أَرضين فَعلم أَن المُرَاد من الْغَصْب الْأَخْذ ظلما لَا غصبا مُوجبا للضَّمَان فَإِن قلت قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترد " يدل على ذَلِك بِإِطْلَاقِهِ وَالتَّقْيِيد بالمنقول خِلَافه قلت هَذَا مجَاز لِأَن الْأَخْذ حَقِيقَة لَا يتَصَوَّر فِي الْعقار لِأَن حد الْأَخْذ أَن يصير الْمَأْخُوذ تبعا ليده فَافْهَم

26 - (حَدثنَا أَبُو معمر قَالَ حَدثنَا عبد الْوَارِث قَالَ حَدثنَا حُسَيْن عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَن أَبَا سَلمَة قَالَ حَدثهُ أَنه كَانَت بَينه وَبَين أنَاس خُصُومَة فَذكر لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت لَهُ يَا أَبَا سَلمَة اجْتنب الأَرْض فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ من ظلم قيد شبر من الأَرْض طوقه من سبع أَرضين) مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث الْمَاضِي وَرِجَاله سَبْعَة الأول أَبُو معمر عبد الله بن عَمْرو بن الْحجَّاج المقعد الْبَصْرِيّ الثَّانِي عبد الْوَارِث بن سعيد الثَّالِث حُسَيْن الْمعلم الرَّابِع يحيى بن أبي كثير الطَّائِي الْيَمَانِيّ الْخَامِس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ السَّادِس أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن السَّابِع أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي بَدْء الْخلق عَن عَليّ عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي وَعَن إِسْحَق بن مَنْصُور قَوْله " بَين أنَاس خُصُومَة " وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق حَرْب بن شَدَّاد عَن يحيى بِلَفْظ وَكَانَ بَينه وَبَين قومه خُصُومَة فِي أَرض وَهَذَا يُفَسر أَن الْخُصُومَة كَانَت فِي أَرض وَأَنَّهَا كَانَت بَينه وَبَين قومه وَعلم مِنْهُ أَن المُرَاد من قَوْله أنَاس هم قومه وَلَكِن مَا علمت أَسمَاؤُهُم قَوْله " فَذكر لعَائِشَة " فِيهِ حذف الْمَفْعُول وَسَيَأْتِي فِي بَدْء الْخلق من وَجه آخر بِلَفْظ فَدخل على عَائِشَة فَذكر لَهَا ذَلِك قَوْله " قيد شبر " بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف أَي قدر شبر قَوْله " أَرضين " بِفَتْح الرَّاء وَجَاء إسكانها أَيْضا -

4542 - حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا عبْدُ الله بنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حدَّثنا مُوساى بنُ عُقْبَةَ عنْ سالِمٍ عنْ أبِيهِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ أخذَ مِنَ الأرْضِ شَيْئاً بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ إلَى سَبْعِ أرْضِينَ. (الحَدِيث 4542 طرفه فِي: 6913) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من أَخذ من الأَرْض شَيْئا بِغَيْر حَقه) ، لِأَن الْأَخْذ بِغَيْر الْحق ظلم، وَرِجَاله كلهم ذكرُوا غير مرّة، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر يروي عَن أَبِيه.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي بَدْء الْخلق عَن بشر بن مُحَمَّد عَن ابْن الْمُبَارك.

قَوْله: (شَيْئا) يتَنَاوَل قَلِيلا وَكَثِيرًا قَوْله: (خسف بِهِ) ، أَي: بذلك الشَّيْء الَّذِي أَخذه من الأَرْض بِغَيْر حق، وَقد ذكرنَا أَنه يخسف بِهِ بعد مَوته، أَو فِي حشره، وَلَكِن بعد أَن ينْقل جَمِيع مَا أَخذه إِلَى سبع أَرضين، وَيجْعَل كُله فِي عُنُقه طوقاً ثمَّ يخسف بِهِ، وروى الطَّبَرِيّ وَابْن حبَان من حَدِيث يعلى بن مرّة مَرْفُوعا، الحَدِيث مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله، وروى ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ: (أعظم الْغلُول يَوْم الْقِيَامَة ذِرَاع أَرض يسرقه الرجل فيطوقه من سبع أَرضين) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015