بَاعَ لم يمدح، وَلم يُدَلس فِي البيع، وَلم يحلف فِيمَا بَين ذَلِك) وَأما حَدِيث أبي مُوسَى فَأخْرجهُ الْبَزَّار من حَدِيث ثَابت بن الْحجَّاج عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى: أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي أَرض، أَحدهمَا من حَضرمَوْت فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، للْمُدَّعى عَلَيْهِ: أتحلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إلاَّ هُوَ؟ فَقَالَ الْمُدَّعِي: يَا رَسُول الله لَيْسَ لي إلاَّ يَمِينه. قَالَ: نعم. قَالَ: إِذا يذهب بأرضي، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن حلف كَاذِبًا لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَلم يزكه وَله عَذَاب أَلِيم) ، قَالَ فتورع الرجل عَنْهَا فَردهَا عَلَيْهِ. وَأما حَدِيث عدي بن عميرَة فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ عَنهُ، قَالَ: أَتَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رجلَانِ يختصمان فِي أَرض ... وَفِيه، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من حلف على مَال امرىء مُسلم لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان، قَالَ: فَمن تَركهَا؟ قَالَ: لَهُ الْجنَّة) . وَفِي رِوَايَة: بَين امرىء الْقَيْس وَرجل من حَضرمَوْت، وَفِيه: فَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس: يَا رَسُول الله! فَمَا لمن تَركهَا وَهُوَ يعلم أَنَّهَا حق؟ قَالَ: لَهُ الْجنَّة) .
(قَوْله مَا حَدثكُمْ أَبُو عبد الرَّحْمَن أَي أَي شَيْء حَدثكُمْ أَبُو عبد الرَّحْمَن وَهُوَ كنية عبد بن مَسْعُود
قَوْله: (فِي) ، بِكَسْر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (فَأنْزل الله {إِن الَّذين يشْتَرونَ ... } (آل عمرَان: 77)) الْآيَة، هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة فِي سُورَة آل عمرَان: {إِن الَّذين يشْتَرونَ} (آل عمرَان: 77) . يَعْنِي: إِن الَّذين يعتاضون عَمَّا هدَاهُم الله عَلَيْهِ من اتِّبَاع مُحَمَّد وَذكر صفته للنَّاس وَبَيَان أمره عَن أَيْمَانهم الكاذبة الْفَاجِرَة الآثمة بالأثمان القليلة الزهيدة، وَهِي عرُوض هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا الفانية الزائلة {أُولَئِكَ لَا خلاق لَهُم} (آل عمرَان: 77) . أَي: لَا نصيب لَهُم {فِي الْآخِرَة} (آل عمرَان: 77) . وَلَا حَظّ لَهُم مِنْهَا {وَلَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة} (آل عمرَان: 77) . بِعَين رَحمته {وَلَا يزكيهم} (آل عمرَان: 77) . أَي: وَلَا يطهرهم من الذُّنُوب والأدناس، بل يَأْمر بهم إِلَى النَّار {وَلَهُم عَذَاب أَلِيم} (آل عمرَان: 77) . ثمَّ سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة فِي الْأَشْعَث بن قيس كَمَا ذكره فِي حَدِيث الْبَاب، وَذكر البُخَارِيّ لسَبَب نُزُولهَا وَجها آخر عَن عبد الله بن أبي أوفى: أَن رجلا أَقَامَ سلْعَة فِي السُّوق، فَحلف لقد إعطي بهَا مَا لم يُعْطه، ليوقع فِيهَا رجلا من الْمُسلمين. فَنزل {إِن الَّذين يشْتَرونَ ... } (آل عمرَان: 77) . الْآيَة. وَذكر الواحدي أَن الْكَلْبِيّ قَالَ: إِن نَاسا من عُلَمَاء الْيَهُود أولي فاقة اقتحموا إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف، لَعنه الله، فَسَأَلَهُمْ: كَيفَ تعلمُونَ هَذَا الرجل يَعْنِي: سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كتابكُمْ؟ قَالُوا: وَمَا تعلمه أَنْت؟ قَالَ: لَا. قَالُوا: نشْهد أَنه عبد الله وَرَسُوله، فَقَالَ كَعْب: لقد حرمكم الله خيرا كثيرا، فَقَالُوا: رويداً فَإِنَّهُ شبه علينا وَلَيْسَ هُوَ بالنعت الَّذِي نعت لنا، ففرح كَعْب لَعنه الله، فمارهم وَأنْفق عَلَيْهِم، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. وَقَالَ عِكْرِمَة: نزلت فِي أبي رَافع وكنانة بن أبي الْحقيق وحيي بن أَخطب وَغَيرهم من رُؤُوس الْيَهُود، كتموا مَا عهد الله، عز وَجل، إِلَيْهِم فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبدلوه وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِم غَيره، وحلفوا أَنه من عِنْد الله، لِئَلَّا يفوتهُمْ الرشاء والمأكل الَّتِي كَانَت لَهُم على أتباعهم. قَوْله: (كَانَت لي بِئْر فِي أَرض) زعم الْإِسْمَاعِيلِيّ أَن أَبَا حَمْزَة تفرد بِذكر الْبِئْر عَن الْأَعْمَش قَالَ: وَلَا أعلم فِيمَن رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش إلاَّ قَالَ فِي أَرض، وَالْأَكْثَرُونَ أولى بِالْحِفْظِ من أبي حَمْزَة، ورد عَلَيْهِ بِأَن أَبَا حَمْزَة لم ينْفَرد بِهِ، لِأَن أَبَا عوَانَة رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش فِي كتاب الْأَيْمَان وَالتَّفْسِير عَن أبي وَائِل عَن عبد الله، وَفِيه: قَالَ الْأَشْعَث: كَانَت لي بِئْر فِي أَرض ابْن عَم لي، وسيجىء، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو نعيم الْحَافِظ من حَدِيث عَليّ بن مسْهر عَن الْأَعْمَش، وَقَالَ الطرقي: رَوَاهُ عَن أبي وَائِل مَنْصُور وَالْأَعْمَش، فمنصور لم يرفع قَول عبد الله إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْأَعْمَش يَقُول: قَالَ عبد الله، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَذَا ذكره الْحَافِظ الْمزي فِي (الْأَطْرَاف) وَقَالَ الطرقي: رَوَاهُ عبد الْملك بن أَيمن وجامع بن أبي رَاشد وَمُسلم البطين عَن أبي وَائِل عَن عبد الله مَرْفُوعا، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الْأَشْعَث، وَرَوَاهُ كرْدُوس التغلبي عَن الْأَشْعَث ابْن قيس الْكِنْدِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ الْمزي: وَمن مُسْند الْأَشْعَث بن قيس أبي مُحَمَّد الْكِنْدِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَقْرُونا بِعَبْد الله بن مَسْعُود، وَرُبمَا جَاءَ الحَدِيث عَن أَحدهمَا مُفردا. قَوْله: (ابْن عَم لي) واسْمه معدان بن الْأسود بن سعد بن معدي كرب الْكِنْدِيّ، والأشعث بن قيس بن معدي كرب، وَقيس وَالْأسود أَخَوان، ولقبه الجفشيش على وزن فعليل بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْفَاء وبالشينين المعجمتين أولاهما مَكْسُورَة بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة. وَقيل: بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة، وَقيل: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَبَقِيَّة الْحُرُوف على حَالهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَقيل: إسمه جرير، وكنيته أَبُو الْخَيْر. قلت: الْأَصَح هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (فَقَالَ لي: شهودك) ، أَي: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وشهودك، بِالنّصب