مَحْمُود لَهُم. وَقَالَ عز وَجل: {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم. .} (الْأَنْفَال: 06) . الْآيَة، وَلَا يقوم إلاَّ بالزراعة. وَمن هُوَ بالثغور المتقاربة لِلْعَدو لَا يشْتَغل بالحرث، فعلى الْمُسلمين أَن يمدوهم بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ.
وَعبد الله بن يُوسُف التنيسِي أَبُو مُحَمَّد من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَعبد الله بن سَالم أَبُو يُوسُف الْأَشْعَرِيّ، مَاتَ سنة تسع وَسبعين وَمِائَة، وَمُحَمّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون اللَّام: نِسْبَة إِلَى ألهان أَخُو هَمدَان بن مَالك بن زيد، هَذَا فِي كهلان، وألهان أَيْضا فِي حمير وَهُوَ: ألهان بن جشم بن عبد شمس، وَنسبَة مُحَمَّد بن زِيَاد إِلَى ألهان هَذَا. قَالَ ابْن دُرَيْد: ألهان، من قَوْلهم: لهنوا ضيوفهم أَي: أطعموهم مَا يتعلل بِهِ قبل الْغذَاء، وَكَانَ ألهان جمع: لَهُنَّ، وَاسم مَا يَأْكُلهُ الضَّيْف: لهنة، وَلَيْسَ لعبد الله بن سَالم ولمحمد بن زِيَاد فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ بَعضهم: وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم شَامِيُّونَ وَكلهمْ حمصيون إلاَّ شيخ البُخَارِيّ. قلت: شيخ البُخَارِيّ أَيْضا أَصله من دمشق.
وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
قَوْله: (عَن أبي أُمَامَة) ، وَفِي رِوَايَة أبي نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) : سَمِعت أَبَا أُمَامَة. قَوْله: (وَرَأى سكَّة) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال، و: السِّكَّة، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْكَاف: هِيَ الحديدة الَّتِي يحرث بهَا. قَوْله: (إلاَّ أدخلهُ الذَّال) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: إلاَّ دخله الذل، وَفِي رِوَايَة أبي نعيم الْمَذْكُورَة إلاَّ أدخلُوا على أنفسهم ذلاً لَا يخرج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَوجه الذل مَا يلْزم الزَّارِع من حُقُوق الأَرْض فيطالبهم السُّلْطَان بذلك. وَقيل: إِن الْمُسلمين إِذا أَقبلُوا على الزِّرَاعَة شغلوا عَن الْعَدو، وَفِي ترك الْجِهَاد نوع ذل.
وَفِي الحَدِيث عَلامَة النُّبُوَّة، قَالَ ابْن بطال: وَذَلِكَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علم أَن من يَأْتِي آخر الزَّمَان يَجُورُونَ فِي أَخذ الصَّدقَات والعشور، وَيَأْخُذُونَ فِي ذَلِك أَكثر مِمَّا يجب لَهُم، لِأَنَّهُ ذل لمن أَخذ مِنْهُ بِغَيْر الْحق. انْتهى. قلت: قُوَّة الذل وكثرته فِي الزراعين فِي أَرَاضِي مصر، فَإِن أَصْحَاب الإقطاعات يتسلطون عَلَيْهِم وَيَأْخُذُونَ مِنْهُم فَوق مَا عَلَيْهِم بِضَرْب وَحبس وتهديد بَالغ، ويجعلونهم كالعبيد المشترين فَلَا يتخلصون مِنْهُم، فَإِذا مَاتَ وَاحِد مِنْهُم يُقِيمُونَ وَلَده عوضه بِالْغَصْبِ وَالظُّلم، وَيَأْخُذُونَ غَالب مَا تَركه ويحرمون ورثته.
قَوْله: (قَالَ مُحَمَّد) ، هُوَ: مُحَمَّد بن الزياد الرَّاوِي، وَاسم أبي أُمَامَة الَّذِي روى عَنهُ: صدي، بِضَم الصَّاد وَفتح الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْديد الْيَاء: ابْن عجلَان بن وهب الْبَاهِلِيّ نزل بحمص وَمَات فِي قَرْيَة يُقَال لَهَا: دقوة، على عشرَة أَمْيَال من حمص سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وعمره إِحْدَى وَتسْعُونَ سنة، وَقد قيل: إِنَّه آخر من مَاتَ بِالشَّام من الصَّحَابَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر فِي الْأَطْعِمَة، وَآخر فِي الْجِهَاد من قَوْله: يدْخل فِي حكم الْمَرْفُوع، وَفِي بعض النّسخ: قَالَ أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه وَهَذَا وَقع للمستملي وَحده.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم اقتناء الْكَلْب، والاقتناء بِالْقَافِ من بَاب الافتعال من اقتنى، يُقَال: قناه يقنوه واقتناه إِذا اتَّخذهُ لنَفسِهِ دون البيع، وَمِنْه الْقنية وَهِي مَا اقتنى من شَاة أَو نَاقَة أَو غَيرهمَا، يُقَال: غنم قنوة وقنية، وَيُقَال: قنوت الْغنم وَغَيرهَا قنوة وقنوة، وقنيت أَيْضا قنية وقنية إِذا اقتنيتها لنَفسك لَا للتِّجَارَة، قيل: أَرَادَ البُخَارِيّ إِبَاحَة الْحَرْث بِدَلِيل إِبَاحَة اقتناء الْكلاب الْمنْهِي عَن اتخاذها لأجل الْحَرْث، فَإِذا رخص من أجل الْحَرْث فِي الْمَمْنُوع من اتِّخَاذه كَانَ أقل درجاته أَن يكون مُبَاحا. قلت: هَذَا استنباط عَجِيب، لِأَن إِبَاحَة الْحَرْث بِالنَّصِّ وَلَو فرض مَوضِع لَيْسَ فِيهِ كلب لَا يُبَاح فِيهِ الْحَرْث.
2232 - حدَّثنا مُعاذُ بنُ فَضالَةَ قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ عنْ يَحْيَى بنِ أبِي كَثيرٍ عنْ أبِي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ أمسَكَ كلْباً فإنَّهُ ينْقُصُ كلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إلاَّ كَلْبَ حَرْث أوْ ماشِيَةٍ. (الحَدِيث 2232 طرفه فِي: 4233) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إلاَّ كلب حرث) . ومعاذ، بِضَم الْمِيم وبذال مُعْجمَة: ابْن فضَالة، بِفَتْح الْفَاء: أَبُو زيد الْبَصْرِيّ، وَهِشَام الدستوَائي.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن زُهَيْر بن حَرْب: حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا هِشَام الدستوَائي حَدثنَا يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من مسك كَلْبا فَإِنَّهُ ينقص من عمله كل يَوْم قِيرَاط إلاَّ كلب حرث أَو كلب مَاشِيَة) . وروى مُسلم أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هيرة، قَالَ: قَالَ