والخَازِنُ الأمِينُ ومنْ لَمْ يَسْتعْملْ مَنْ أرَادَهُ
هَذَا أَيْضا من التَّرْجَمَة، وَلها جزآن: أَحدهمَا: قَوْله: والخازن الْأمين. وَالْآخر: قَوْله: وَمن لم يسْتَعْمل من أَرَادَهُ، وَقد ذكر بعد لكل وَاحِد حَدِيثا، فَالْحَدِيث الأول للجزء الأول وَالثَّانِي للثَّانِي، وَمعنى: من لم يسْتَعْمل من أَرَادَهُ الإِمَام الَّذِي لم يسْتَعْمل الَّذِي أَرَادَ الْعَمَل، لِأَن الَّذِي يُريدهُ يكون طلبه لِحِرْصِهِ فَلَا يُؤمن عَلَيْهِ.
1622 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا يَحْيَى عَن قرَّةَ بنِ خالِدٍ قَالَ حدَّثني حُمَيْدُ بنُ هِلال قَالَ حدَّثنا أبُو بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ أقْبَلْتُ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَعِي رَجلانِ منَ الأشْعَرِيِّينَ فَقُلْتُ مَا عَلِمْتُ أنَّهُمَا يَطْلُبَانِ العَمَلَ فقالَ لَنْ أوْ لاَ نَسْتَعْمِلُ عَلى عَمَلِنَا مَنْ أرَادَهُ. .
مطابقته لقَوْله: وَمن لم يسْتَعْمل من أَرَادَهُ، ظَاهِرَة وَأما وَجه دُخُوله فِي هَذَا الْبَاب فَلِأَن الَّذِي يطْلب الْعَمَل إِنَّمَا يَطْلُبهُ غَالِبا لتَحْصِيل الْأُجْرَة الَّتِي شرعت لَهُ، وَهَذَا كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان، وَأما الَّذِي يطْلب الْعَمَل فِي زَمَاننَا هَذَا فَلَا يَطْلُبهُ إلاَّ لتَحْصِيل الْأَمْوَال، سَوَاء كَانَ من الْحَلَال أَو الْحَرَام، وللأمر وَالنَّهْي بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي، بل غَالب من يطْلب الْعَمَل إِنَّمَا يَطْلُبهُ بالبراطيل والرشوة، وَلَا سِيمَا فِي مصر، فَإِن الْأَمر فَاسد جدا فِي الْعمَّال فِيهَا حَتَّى إِن أَكثر الْقُضَاة يتولون بالرشوة وَهَذَا غير خَافَ على أحد، فنسأل الله الْعَفو والعافية.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وقرة، بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الرَّاء: ابْن خَالِد أَبُو مُحَمَّد، وَأَبُو خَالِد السدُوسِي الْبَصْرِيّ، وَحميد، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة: ابْن هِلَال بن هُبَيْرَة الْعَدوي الْهِلَالِي الْبَصْرِيّ مر فِي: بَاب يرد الْمُصَلِّي من بَين يَدَيْهِ، وَأَبُو بردة عَامر، وَقد مضى الْآن.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا وَمُطَولًا فِي الْإِجَارَة وَالْأَحْكَام وَفِي استنابة الْمُرْتَدين عَن مُسَدّد عَن يحيى وَفِي الْأَحْكَام أَيْضا عَن عبد الله بن الصَّباح. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي قدامَة وَمُحَمّد بن حَاتِم وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحُدُود عَن أَحْمد بن حَنْبَل ومسدد بِتَمَامِهِ وَفِي القضايا عَن أَحْمد بن حَنْبَل