واشْتَرَى ابنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأرْبَعَةِ أبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صاحِبَهَا بالرَّبَذَةِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن فِيهِ بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي أَيْضا عَن مَالك، وروى ابْن أبي شيبَة من طَرِيق أبي بشر عَن نَافِع أَن ابْن عمر اشْترى نَاقَة بأَرْبعَة أَبْعِرَة بالربذة، فَقَالَ لصَاحب النَّاقة: إذهب فَانْظُر، فَإِن رضيت فقد وَجب البيع، وَأجِيب عَن هَذَا بِأَن ابْن أبي شيبَة روى عَن ابْن عمر خلاف ذَلِك، فَقَالَ: حَدثنَا ابْن أبي زَائِدَة عَن ابْن عون عَن ابْن سِيرِين، قلت لِابْنِ عمر: الْبَعِير بالبعيرين إِلَى أجل، فكرهه.
قَوْله: (رَاحِلَة) ، هِيَ مَا أمكن ركُوبهَا من الْإِبِل، سَوَاء كَانَت ذكرا أَو انثى، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الرَّاحِلَة من الْإِبِل الْبَعِير الْقوي على الْأَسْفَار والأحمال. وَالتَّاء فِيهِ للْمُبَالَغَة، يَسْتَوِي فِيهَا الذّكر وَالْأُنْثَى، وَهِي الَّتِي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وَتَمام الْخلق وَحسن المنظر، فَإِذا كَانَت فِي جمَاعَة الْإِبِل عرفت، والأبعرة جمع: بعير، وَيجمع أَيْضا على: بعران، وَهُوَ أَيْضا يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى. قَوْله: (مَضْمُونَة عَلَيْهِ) أَي: تكون تِلْكَ الرَّاحِلَة فِي ضَمَان البَائِع. قَوْله: (يوفيها صَاحبهَا) أَي: يُسَلِّمهَا صَاحب الرَّاحِلَة إِلَى المُشْتَرِي. قَوْله: (بالربذة) ، أَي: فِي الربذَة، بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة والذال الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره تَاء، قَالَ بَعضهم: هُوَ مَكَان مَعْرُوف بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، قلت: هِيَ قَرْيَة مَعْرُوفَة قرب الْمَدِينَة، بهَا قبر أبي ذَر الْغِفَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقَالَ ابْن قرقول: وَهِي على ثَلَاث مراحل من الْمَدِينَة، قريب من ذَات عرق، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: ذَات عرق ثنية أَو هضبة بَينهَا وَبَين مَكَّة يَوْمَانِ، وَبَعض يَوْم، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ذَات عرق أول بِلَاد تهَامَة.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ قدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْرا مِنَ البَعِيرَيْنِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الشَّافِعِي قَالَ: أخبرنَا ابْن علية عَن ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن بعير ببعيرين؟ فَقَالَ: قد يكون الْبَعِير خيرا من البعيرين. قلت: فَإِن اسْتدلَّ بِهِ من يجوز بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ فَلَا يتم الِاسْتِدْلَال بِهِ، لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه كرهه لأجل الْفضل الَّذِي لَيْسَ فِي مُقَابلَته شَيْء.
واشْتَرَى رَافِعُ بنُ خَدِيجٍ بَعِيرا بِبَعِيرَيْنِ فأعْطاهُ أحدَهُما وَقَالَ آتِيكَ بالآخَرَ غَدا رَهْوا إنْ شاءَ الله
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة جدا لِأَنَّهُ اشْترى بَعِيرًا ببعيرين نَسِيئَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) فَقَالَ: أخبرنَا معمر عَن بديل الْعقيلِيّ عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير: أَن رَافع بن خديج اشْترى. . فَذكره، وَرَافِع، بِكَسْر الْفَاء: ابْن خديج، بفتخ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَفِي آخِره جِيم: الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ.
قَوْله: (رهوا) بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْهَاء وَهُوَ فِي الأَصْل: السّير السهل، وَالْمرَاد بِهِ هُنَا: أَنا آتِيك بِهِ سهلاً بِلَا شدَّة وَلَا مماطلة، وَأَن المأتي بِهِ يكون سهل السّير رَفِيقًا غير خشن فَإِن قلت: بِمَ انتصاب رهوا؟ قلت: على التَّفْسِير الأول يكون مَنْصُوبًا على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف أَي: أَنا آتِيك بِهِ إتيانا رهوا، وعَلى الثَّانِي يكون حَال عَن قَوْله بِالْآخرِ بالتأويل. فَافْهَم.
وَقَالَ ابنُ المُسَيَّبِ لاَ رِبا فِي الحَيَوانِ الْبَعِيرُ بالبَعِيرَيْنِ والشَّاةُ بالشَّاتَيْنِ إلَى أجَلٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَابْن الْمسيب هُوَ سعيد بن الْمسيب من كبار التَّابِعين، وَقد تكَرر ذكره. قَوْله: (لَا رَبًّا فِي الْحَيَوَان) ، وَصله مَالك عَن ابْن شهَاب عَنهُ: لَا رَبًّا فِي الْحَيَوَان، وَالْبَاقِي وَصله ابْن بِي شيبَة من طَرِيق آخر عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ: لَا بَأْس بالبعير بالبعيرين نَسِيئَة، وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) أَنبأَنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ سُئِلَ سعيد ... فَذكره.
وَقَالَ ابنُ سِيرينَ لاَ بأسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئةً ودِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: بعير ببعيرين، وَابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين من كبار التَّابِعين، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين، قَالَ: لَا بَأْس بعير ببعيرين وَدِرْهَم بدرهم نَسِيئَة، وَإِن كَانَ أحد البعيرين نَسِيئَة فَهُوَ مَكْرُوه. قَوْله: (وَدِرْهَم بدرهم) ، كَذَا هُوَ فِي مُعظم الروايت، وَوَقع فِي بَعْضهَا: وَدِرْهَم بِدِرْهَمَيْنِ نَسِيئَة. قَالَ ابْن بطال: هَذَا خطأ، وَالصَّوَاب مَا ذكره عبد الرَّزَّاق.