أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا أَرَادَ الشَّخْص بيع تمر بِتَمْر خير من ثمره، وَكِلَاهُمَا بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْمِيم، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف تَقْدِيره: مَاذَا يضع حَتَّى يسلم من الرِّبَا؟
2022 - حدَّثنا قُتَيْبَةُ عنْ مالِكٍ عنْ عَبْدِ المَجِيدِ بن سُهَيْلِ بنِ عبْدِ الرَّحْمانِ عنْ سَعِيدِ ابنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ وعنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَعْمَلَ رجُلاً عَلَى خَيْبَرَ فجاءَهُ بِتَمْرٍ جِنيبٍ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكُلُّ تَمْر خَيْبَرَ هَكَذَا قَالَ لاَ وَالله يَا رسولَ الله إنَّا لَنَأخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بالصَّاعَيْنِ بالثَّلاثَةِ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاَ تَفْعَلْ بِعْ الجَمْعَ بالدَّرَاهِمُ ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّرَاهِمِ جَنِيبا. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (بِعْ الْجمع جنيبا) ، فَإِنَّهُ أسلم من الرِّبَا، فَإِن التَّمْر كُله جنس وَاحِد فَلَا يجوز بيع صَاع مِنْهُ بِصَاع من تمر آخر إلاَّ سَوَاء بِسَوَاء، فَلَا يجوز بالتفاضل. وَعبد الْمجِيد بن سُهَيْل مصغر سهل، ضد الصعب ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ الْمدنِي، يكنى أَبَا وهب، وَيُقَال: أَبُو مُحَمَّد.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْوكَالَة عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْمَغَازِي عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، وَفِي نُسْخَة عَن القعْنبِي، ثَلَاثَتهمْ، أَعنِي قُتَيْبَة وَعبد الله بن يُوسُف وَإِسْمَاعِيل عَن مَالك، وَأخرجه فِي الِاعْتِصَام عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَخِيه عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، كِلَاهُمَا عَن عبد الْمجِيد الْمَذْكُور عَنهُ عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة بِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن القعْنبِي عَن سُلَيْمَان بن بِلَال بِهِ وَعَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد ابْن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك وَعَن نصر بن عَليّ وَإِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، كِلَاهُمَا عَن خَالِد بن الْحَارِث عَن سعيد عَن قَتَادَة عَنهُ عَن أبي سعيد بِمَعْنَاهُ، وَلم يذكر أَبَا هُرَيْرَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (عَن سعيد بن الْمسيب) ، وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال: عَن عبد الْمجِيد أَنه سمع سعيد بن الْمسيب، أخرجه البُخَارِيّ فِي الِاعْتِصَام. قَوْله: (عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَعَن أبي هُرَيْرَة) ، وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان الْمَذْكُور أَن أَبَا سعيد وَأَبا هُرَيْرَة حَدَّثَاهُ، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: ذِكرُ أبي هُرَيْرَة لَا يُوجد فِي هَذَا الحَدِيث إلاَّ لعبد الْمجِيد، وَقد رَوَاهُ قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي سعيد وَحده، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جمَاعَة من أَصْحَاب أبي سعيد عَنهُ. قَوْله: (اسْتعْمل رجلا) قيل: هُوَ سَواد بن غزيَّة، وَقيل: مَالك بن صعصعة، ذكره الْخَطِيب. قلت: سَواد، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: ابْن غزيَّة، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر الزَّاي وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف على وزن عَطِيَّة ابْن وهب حَلِيف الْأَنْصَار، وَهُوَ الَّذِي أسر يَوْمئِذٍ خَالِد بن هِشَام وَمَالك بن صعصعة الخزرجي ثمَّ الْمَازِني. قَوْله: (تمر جنيب) ، بِفَتْح الْجِيم وَكسر النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، قَالَ مَالك: هُوَ الكبيس، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: هُوَ الطّيب، وَقيل: الصلب، وَقيل: الَّذِي أخرج مِنْهُ حشفه ورديئه، وَقَالَ التَّيْمِيّ: هُوَ تمر غَرِيب غير الَّذِي كَانُوا يعهدونه، وَقَالَ الْخطابِيّ: هُوَ نوع من التَّمْر، وَهُوَ أَجود تمورهم، وَهُوَ بِخِلَاف الْجمع بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمِيم، وَهُوَ كل لون من النّخل لَا يعرف اسْمه، وَقيل: هُوَ تمر مختلط من أَنْوَاع مُتَفَرِّقَة وَلَيْسَ مرغوبا فِيهِ، وَلَا يخْتَلط إلاَّ لرداءته. قَوْله: (بالصاعين) ، وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان: بالصاعين من الْجمع، أَي: غير الصاعين اللَّذين هما عوض الصَّاع الَّذِي هُوَ من الجنيب، وَكَون الْمعرفَة الْمُعَادَة عين الأول عِنْد عدم الْقَرِينَة على الْمُغَايرَة، وَهُوَ كَقَوْلِه: {تؤتي الْملك من تشَاء} (آل عمرَان: 62) . فَإِنَّهُ فِيهِ غير الأول. قَوْله: (بِالثَّلَاثَةِ) ، كَذَا وَفِي رِوَايَة القايسي بِالتَّاءِ وَفِي رِوَايَة أكثرين بِالثلَاثِ بِلَا تَاء وَكِلَاهُمَا جَائِز لِأَن الصَّاع يذكر وَيُؤَنث قَوْله (لَا تفعل) وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان: وَلَكِن مثلا بِمثل، أَي: بِعْ الْمثل بِالْمثلِ، وَزَاد فِي آخِره: وَكَذَلِكَ الْمِيزَان، أَي: فِي بيع مَا يُوزن من المقتات بِمثلِهِ. قَوْله: (بِعْ الْجمع) ، أَي: التَّمْر الَّذِي يُقَال لَهُ: (الْجمع بِالدَّرَاهِمِ، ثمَّ ابتع) أَي: ثمَّ اشترِ بِالدَّرَاهِمِ جنيبا، وَأمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك ليَكُون بصفقتين، فَلَا يدْخلهُ الرِّبَا.