بِمثل) أَي: إلاَّ حَال كَونهمَا متماثلين، أَي: متساويين، قَوْله: (وَلَا تشفوا) ، بِضَم التَّاء من الإشفاف، وَهُوَ التَّفْضِيل، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ رباعي من أشف. قلت: لَا، بل هُوَ ثلاثي مزِيد فِيهِ، يُقَال: شف الدِّرْهَم يشف: إِذا زَاد، وَإِذا نقص، من الأضداد وأشفه غَيره يشفه، وَفِي الحَدِيث: نهى عَن شف مَا لم يضمن، بِكَسْر الشين، وَهُوَ الزِّيَادَة وَالرِّبْح. قَوْله: (بناجز) ، من النجز، بالنُّون وَالْجِيم وَالزَّاي، وَالْمرَاد: بالغائب الْمُؤَجل، وبالناجز الْحَاضِر يَعْنِي: لَا بُد من التَّقَابُض فِي الْمجْلس.
وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ: حجَّة للشَّافِعِيّ فِي قَوْله: من كَانَ لَهُ على آخر دَرَاهِم وَالْآخر عَلَيْهِ دَنَانِير لم يجز أَن يقاضي أَحدهمَا الآخر بِمَالِه، لِأَنَّهُ يدْخل فِي معنى بيع الذَّهَب بالورق دينا، لِأَنَّهُ إِذا لم يجز غَائِب بناجز فأحرى أَن لَا يجوز غَائِب بغائب. فَإِن قلت: روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر، قَالَ: كنت أبيع الْإِبِل بِالبَقِيعِ فأبيع بِالدَّنَانِيرِ فآخذ مَكَانهَا الْوَرق، وأبيع بالورق فآخذ مَكَانهَا الدَّنَانِير، فَأتيت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوَجَدته خَارِجا من بَيت حَفْصَة، فَسَأَلته عَن ذَلِك، فَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ بِالْقيمَةِ. قلت: قَالَ ابْن بطال: لَا يدْخل هَذَا فِي بيع الذَّهَب بالورق دينا، لِأَن النَّهْي الَّذِي بِقَبض الدَّرَاهِم عَن الدَّنَانِير لم يقْصد إِلَى التَّأْخِير فِي الصّرْف. قلت: قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث لَا نعرفه مَرْفُوعا إلاَّ من حَدِيث سماك بن حَرْب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر، وروى دَاوُد عَن أبي هِنْد هَذَا الحَدِيث عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر مَوْقُوفا، وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد بعض أهل الْعلم أَنه لَا بَأْس أَن يقبض عَن الذَّهَب من الْوَرق وَالْوَرق من الذَّهَب، وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَاق، وَقد كره بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم ذَلِك.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم بيع الدِّينَار بالدينار حَال كَونه نسَاء، بِفَتْح النُّون وَالسِّين الْمُهْملَة وبالمد. وَمَعْنَاهُ: مُؤَخرا. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: النِّسَاء التَّأْخِير، يُقَال: نسأت الشَّيْء نسَاء وأنسأته إنساء. قلت: مادته من: النُّون وَالسِّين والهمزة، وَفِي الحَدِيث: من أحب أَن ينسأ فِي أَجله. . أَي: يُؤَخر.
9712 - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا الضَّحَّاكُ بن مَخْلَدٍ قَالَ حدَّثنا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبرنِي عَمْرُو بنُ دِينارٍ أنَّ أَبَا صالِحٍ الزَّيَّاتَ أخبَرَهُ أنَّه سَمِعَ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ الدِّينارُ بالدِّينَارِ والدِّرْهَمُ بالدِّرْهَمِ فَقُلْتُ لَهُ فإنَّ ابنَ عَبَّاسٍ لاَ يَقُولُهُ فقالَ أبُو سَعِيدٍ سألْتُهُ فَقُلْتُ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ الله قَالَ كُلُّ ذَلِكَ لاَ أقُولُ وأنْتُمْ أعْلَمُ بِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنِّي وَلَكِنَّنِي أَخْبرنِي أُسامَةُ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا رِبا إلاَّ فِي النَّسِيئَةِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (الدِّينَار بالدينار) .
ذكر رِجَاله وهم ثَمَانِيَة: الأول: عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ. الثَّانِي: أَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد، وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ، حدث عَنهُ بالواسطة وَفِي مَوَاضِع أخر حدث عَنهُ بِغَيْر وَاسِطَة. الثَّالِث: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج. الرَّابِع: عَمْرو بن دِينَار. الْخَامِس: أَبُو صَالح، واسْمه: ذكْوَان الزيات السمان، كَانَ يجلب الزَّيْت وَالسمن إِلَى الْكُوفَة. السَّادِس: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، واسْمه: سعد بن مَالك. السَّابِع: عبد الله بن عَبَّاس. الثَّامِن: أُسَامَة ابْن زيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: السماع فِي موضِعين. وَفِيه: السُّؤَال. وَفِيه: القَوْل فِي سَبْعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه وَالضَّحَّاك بصريان، وَابْن جريج وَعَمْرو مكيان، وَأَبُو صَالح مدنِي سكن الْكُوفَة. وَفِيه: ثَلَاثَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الْبيُوع أَيْضا عَن مُحَمَّد بن حَاتِم وَمُحَمّد بن عباد وَابْن أبي عمر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الصَّباح. خمستهم عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَنهُ بِهِ.