الْآن فَيكون ذَلِك الْأَمِير زياداً، إِذْ ولاه مُعَاوِيَة بعد وَفَاة الْمُغيرَة الْكُوفَة. قَوْله (استعفوا) أَي: اسألوا الله تَعَالَى لأميركم الْعَفو فَإِنَّهُ كَانَ يحب الْعَفو عَن ذنُوب النَّاس، إِذْ يُعَامل بالشخص كَمَا هُوَ يُعَامل بِالنَّاسِ، وَفِي الْمثل السائر: كَمَا تدين تدان، وَقيل: كَمَا تكيل تكال. وَقَالَ ابْن بطال: جعل الْوَسِيلَة إِلَى عَفْو الله بِالدُّعَاءِ بأغلب خلال الْخَيْر عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ يُحِبهُ فِي حَيَاته، وَكَذَلِكَ يجزى كل أحد يَوْم الْقِيَامَة بِأَحْسَن أخلاقه وأعماله. قَوْله (وَرب هَذَا الْمَسْجِد) يشْعر بِأَن خطبَته كَانَت فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، وَيجوز أَن تكون إِشَارَة إِلَى جِهَة الْمَسْجِد، وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ: وَرب الْكَعْبَة، ذكر ذَلِك للتّنْبِيه على شرف الْمقسم بِهِ، ليَكُون أدعى للقبول. قَوْله (إِنِّي لنا صَحَّ) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنه وَفِي بِمَا بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَن كَلَامه صَادِق خَالص عَن الْأَغْرَاض الْفَاسِدَة. فَإِن قلت: النصح للْكَافِرِ يَصح بِأَن يدعى إِلَى الْإِسْلَام ويشار عَلَيْهِ بِالصَّوَابِ إِذا اسْتَشَارَ فَلِمَ، قَيده بقوله (لكل مُسلم) ، وَبِقَوْلِهِ: (لكم) ؟ قلت: هَذَا التَّقْيِيد من حَيْثُ الْأَغْلَب فَقَط. فَافْهَم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015