فِي النذور عَن ابْن أبي عمر، حَدثنَا مَرْوَان حَدثنَا حميد فَذكره.

وَأخرجه مُسلم أَيْضا عَن يحيى بن يحيى عَن يزِيد بن زُرَيْع وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن مُسَدّد عَن يحيى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن ابْن الْمثنى عَن خَالِد بن الْحَارِث، قَالَ حميد: عَن ثَابت (عَن أنس، قَالَ: مر رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بشيخ كَبِير يهادى بَين إبنيه، فَقَالَ: مَا بَال هَذَا؟ قَالُوا: نذر يَا رَسُول الله أَن يمشي. قَالَ: إِن الله لَغَنِيّ عَن تَعْذِيب هَذَا نَفسه، فَأمره أَن يركب) . وَقَالَ: حَدثنَا عبد القدوس بن مُحَمَّد الْعَطَّار الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن عَاصِم عَن عمرَان الْقطَّان عَن حميد (عَن أنس، قَالَ: نذرت امْرَأَة أَن تمشي إِلَى بَيت الله تَعَالَى، فَسئلَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك، فَقَالَ: إِن الله لَغَنِيّ عَن مشيها، مروها فلتركب) . وَقَالَ: حَدِيث حسن. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن ابْن الْمثنى عَن خَالِد، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن حَمَّاد بن مسْعدَة عَن حميد بِهِ.

قَوْله: (حَدثنِي ثَابت) ، هَكَذَا قَالَ أَكثر الروَاة عَن حميد، وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا صرح بِهِ حميد فِيهِ بالواسطة بَينه وَبَين أنس، وَقد حَدثهُ فِي وَقت أخر فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ من طَرِيق يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق ابْن أبي عدي، كِلَاهُمَا جَمِيعًا عَن حميد بِلَا وَاسِطَة، وَيُقَال: إِن غَالب رِوَايَة حميد عَن أنس بِوَاسِطَة، لَكِن قد أخرج البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس أَشْيَاء كَثِيرَة بِغَيْر وَاسِطَة، مَعَ الاعتناء بِبَيَان سَمَاعه لَهَا عَن أنس، وَقد وَافق عمرَان الْقطَّان عَن حميد الْجَمَاعَة على إِدْخَال ثَابت بَينه وَبَين أنس لَكِن خالفهم فِي الْمَتْن، أخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيقه بِلَفْظ: نذرت امْرَأَة، وَقد ذَكرْنَاهُ الْآن. قَوْله: (يهادى) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف على صِيغَة الْمَجْهُول، من المهاداة وَهِي: أَن يمشي بَين اثْنَيْنِ مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من طَرِيق خَالِد بن الْحَارِث عَن حميد: يتهادى، بِفَتْح الْيَاء ثمَّ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق من بَاب التفاعل، وَالْأول من بَاب المفاعلة. وَفِي (التَّلْوِيح) : الرجل الَّذِي يهادي، قَالَ الْخَطِيب: هُوَ أَبُو إِسْرَائِيل. وَقَالَ النَّوَوِيّ: اسْمه قيس، وَقيل: قَيْصر، انْتهى. قَالَ: وَلم أر مُسَمّى بِهِ فِي الصَّحَابَة. قَوْله: (مَا بَال هَذَا؟) أَي: مَا شَأْنه؟ وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة مُسلم. قَوْله: (قَالُوا نذر) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (قَالَ إبناه: يَا رَسُول الله، كَانَ عَلَيْهِ نذر) . قَوْله: (أَن يمشي) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: نذر الْمَشْي. قَوْله: (أمره أَن يركب) ، ويروى: (وَأمره أَن يركب) . أَي: بالركوب، لِأَن: أَن، مَصْدَرِيَّة.

وَاحْتج أهل الظَّاهِر بِهَذَا الحَدِيث وَبِحَدِيث عقبَة الْآتِي فِيهِ، فَقَالُوا: من عجز عَن الْمَشْي فَلَا هدي عَلَيْهِ وَلَا يثبت فِي ذمَّته إلاَّ بِيَقِين، وَلَيْسَ الْمَشْي مِمَّا يُوجب نذرا، وَلِأَن فِيهِ تَعب الْأَبدَان، وَلَيْسَ الْمَاشِي فِي حَال مَشْيه فِي حُرْمَة إِحْرَامه فَلم يجب عَلَيْهِ الْمَشْي، وَلَا بدل مِنْهُ.

وَسَائِر الْفُقَهَاء لَهُم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَقْوَال غير هَذَا القَوْل: الأول: رُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: (من نذر الْمَشْي إِلَى بَيت الله تَعَالَى فعجز عَنهُ أَنه يمشي مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذا عجز ركب وَأهْدى شَاة) . وَهُوَ قَول عَطاء وَالْحسن، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: وَكَذَا إِن ركب وَهُوَ غير عَاجز، وَيكفر عَن يَمِينه لحنثه، حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ. وَقَالَ الشَّافِعِي: الْهَدْي فِي هَذِه احْتِيَاط من قبل أَنه: من لم يطق شَيْئا سقط عَنهُ، وحجتهم قَوْله: (فلتركب ولتهد) . وَالْقَوْل الثَّانِي: يعود ثمَّ يحجّ مرّة أُخْرَى، ثمَّ يمشي مَا ركب، وَلَا هدي عَلَيْهِ، وَهُوَ قَول ابْن عمر، ذكره مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَالنَّخَعِيّ وَابْن جُبَير. وَالْقَوْل الثَّالِث: يعود فَيَمْشِي مَا ركب وَعَلِيهِ الْهَدْي، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا، وَرُوِيَ عَن النَّخعِيّ وَابْن الْمسيب، وَهُوَ قَول مَالك: جمع عَلَيْهِ الْأَمريْنِ الْمَشْي وَالْهَدْي احْتِيَاطًا.

6681 - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى قَالَ أخبرنَا هِشَامُ بنُ يُوسُفَ أنَّ ابنَ جُرَيْجٍ أخبرَهُمْ قَالَ أخبرَنِي سَعِيدُ بنُ أبي أيُّوبَ أنَّ يَزيدَ بنَ أبِي حَبيبٍ أخبرَهُ أنَّ أبَا الخَيْرِ حدَّثَهُ عنْ عُقْبَةَ بنِ عامِر قَالَ نَذَرَتْ أُخْتِي أنْ نَمْشِيَ إلَى بَيْتِ الله وأمَرَتْنِي أنْ أسْتَفْتِيَ لَهَا النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاسْتَفْتَيْتُهُ فقالَ عَلَيْهِ السَّلَام لِتَمْشِ ولْتَرْكَبْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن مُوسَى ابْن يزِيد التَّمِيمِي الْفراء أَبُو إِسْحَاق. الثَّانِي: هِشَام بن يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن، من الْأَبْنَاء. الثَّالِث: عبد الْملك بن جريج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015