كل شَيْء إِلَّا النِّسَاء. فَقَالَ لَهُ رجل: وَالطّيب؟ فَقَالَ: أما أَنا فقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضمخ رَأسه بالمسك. أفطيب هُوَ؟ قلت: سُبْحَانَ الله. آثَار التعصب الْبَاطِل لَا تَخْلُو عَنْهُم، فَلم لم يذكر صَاحب (التَّوْضِيح) حَدِيث الْبَاب فِي احتجاج الطَّحَاوِيّ لأبي حنيفَة وَأَصْحَابه، فَإِنَّهُ احْتج لَهُم أَولا بِحَدِيث الْبَاب، وَأخرجه من طرق، وَاحْتج أَيْضا بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذكره صَاحب (التَّوْضِيح) وَصدر كَلَامه بِهِ، وغمز بقوله: وَفِيه الْحجَّاج بن أَرْطَأَة، فَمَا للحجاج بن أَرْطَأَة وَقد احتجت بِهِ الْأَرْبَعَة وَالْبَيْهَقِيّ أَيْضا أخرج حَدِيثه؟ وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَإِنَّهُ طعن فِيهِ بِأَن الْحسن الْبَصْرِيّ لم يسمع من ابْن عَبَّاس، فَإِنَّهُ لَيْسَ بالْحسنِ الْبَصْرِيّ، وَإِنَّمَا هُوَ الْحسن العرني، وَقد روى عَن يحيى بن معِين أَن الْحسن العرني لم يسمع من ابْن عَبَّاس، وَغَيره قَالَ: سمع مِنْهُ، فالمثبت أولى من النَّافِي على مَا عرف، وَقد ذهل صَاحب (التَّوْضِيح) وَلم يفرق بَين الْبَصْرِيّ والعرني، وَمَعَ هَذَا فَحَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا. وَأما الْجَواب عَن حَدِيث أم قيس، أُخْت عكاشة بن مُحصن، فَإِنَّهُ لَا يُعَارض حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، لِأَن حَدِيث عَائِشَة فِيهِ من الصِّحَّة مَا لَيْسَ فِي حَدِيث أم قيس، وَفِيه ابْن لَهِيعَة وَهُوَ ضَعِيف، وَحَدِيثه هَذَا شَاذ.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم طواف الْوَدَاع، وَإِنَّمَا أضمر الحكم اكْتِفَاء بِمَا فِي حَدِيث الْبَاب.
5571 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا سُفْيَانُ عنِ ابنِ طَاووسِ عَنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ أُمِرَ النَّاسُ أنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالْبَيْتِ إلاَّ أنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أَن يكون آخر عَهدهم بِالْبَيْتِ) ، وَهُوَ لَا يكون إلاَّ بِالطّوافِ، وَهُوَ فِي آخر الْعَهْد طواف الْوَدَاع.
وَرِجَاله: تكَرر ذكرهم، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَابْن طَاوُوس هُوَ عبد الله بن طَاوُوس.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن مُسلم ابْن إِبْرَاهِيم، فَعَن قريب يَأْتِي، وَأخرجه أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن مُعلى بن أَسد. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن سعيد بن مَنْصُور وَأبي بكر بن أبي شيبَة، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد الْمقري، والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ. وَعَن جَعْفَر بن مُسَافر مُخْتَصرا.
قَوْله: (أَمر النَّاس) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وأصل الْكَلَام: أَمر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، النَّاس أَن يكون آخر عَهدهم بِالْبَيْتِ. وَرَوَاهُ مُسلم نَحوه عَن سُفْيَان عَن ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس، وَرَوَاهُ أَيْضا عَن سُلَيْمَان الْأَحول عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (كَانَ النَّاس يَنْصَرِفُونَ فِي كل وَجه، فَقَالَ رَسُول الله،