6761 - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ سالِمٌ وكانَ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أهْلِهِ فيَقِفُونَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ بِالمُزْدَلِفَةِ بِلَيْلٍ فيَذْكُرُونَ الله عزَّ وجَلَّ مَا بَدَا لَهُمْ ثُمَّ يَرْجِعُونَ قَبْلَ أنْ يَقِفَ الإمَامُ وقَبْلَ أنْ يَدْفَعَ فَمِنْهُمْ منْ يَقْدَمُ مِنىً لِصَلاةِ الفَجْرِ ومِنْهُمْ منْ يَقْدَمُ بَعدَ ذلِكَ فإذَا قَدِمُوا رَمَوا الجَمْرَةَ وكانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ أرْخَصَ فِي أُولائِكَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: (يقدم ضعفة أَهله) وَفِي قَوْله: (فيقفون) وَفِي قَوْله: (فَيذكرُونَ الله تَعَالَى) ، لِأَن الْمَعْنى: يدعونَ الله ويذكرونه مَا بدا لَهُم.

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة. وَيحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير الْمصْرِيّ، وَاللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ، وَيُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ الْمدنِي، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله ابْن عمر، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن يُونُس بن شهَاب أَن سَالم بن عبد الله أخبرهُ.

قَوْله: (عِنْد الْمشعر الْحَرَام) ، بِفَتْح الْمِيم، وَقيل: إِن أَكثر الْعَرَب يكسر الْمِيم، قَالَ القتبي: لم يقْرَأ بِهِ أحد، وَذكر الْهُذلِيّ أَن أَبَا السمال بِاللَّامِ فِي آخِره قَرَأَهُ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ ابْن قرقول: تكسر فِي اللُّغَة لَا فِي الرِّوَايَة، وَهُوَ الْمزْدَلِفَة، وَفِي (الموعب) لِابْنِ التياني: عَن قطرب قَالُوا: مشْعر ومشعر ومشعر، ثَلَاث لُغَات، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: يُسمى مشعرا لِأَنَّهُ معلم لِلْعِبَادَةِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي صَاحب (الْمَنَاسِك) : الْأَصَح أَن الْمشعر الْحَرَام فِي الْمزْدَلِفَة لَا غير الْمزْدَلِفَة، وحد الْمزْدَلِفَة مَا بَين مأزمي عَرَفَة وَقرن محسر يَمِينا وَشمَالًا من الشعاب وَالْجِبَال، وَقَالَ الْكرْمَانِي الشَّارِح: وَاخْتلف فِيهِ، وَالْمَعْرُوف عَن أَصْحَابنَا أَنه قزَح، بِضَم الْقَاف وَفتح الزَّاي وبالمهملة: وَهُوَ جبل مَعْرُوف بِالْمُزْدَلِفَةِ، والْحَدِيث يدل عَلَيْهِ، وَقَالَ غَيرهم: إِنَّه نفس الْمزْدَلِفَة. وَفِي (التَّلْوِيح) : والمزدلفة لَهَا اسمان آخرَانِ: جمع والمشعر الْحَرَام. وَفِي حَدِيث أَن قزَح هُوَ الْمشعر الْحَرَام، وَعَن ابْن عمر: أَن الْمشعر الْحَرَام هُوَ الْمزْدَلِفَة كلهَا. وَقَالَ بَعضهم: لَو كَانَ الْمشعر الْحَرَام هُوَ الْمزْدَلِفَة لقَالَ، عز وَجل: فاذكروا الله فِي الْمشعر الْحَرَام، وَلم يقل: عِنْده، كَمَا إِذا قلت: أَنا عِنْد الْبَيْت، لَا تكون فِي الْبَيْت. وَقَالَ أَبُو عَليّ الهجري فِي (كتاب النَّوَادِر) : وَآخر مُزْدَلِفَة محسر وَأول من بطن محسر محسر بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر السِّين الْمُشَدّدَة الْمُهْملَة وَفِي آخِره رَاء وَاد بِجمع وَهِي مزلدلفة، وَفِي (التَّلْوِيح) : وَهُوَ بَين يَدي موقف الْمزْدَلِفَة مِمَّا يَلِي منى، وَهُوَ مسيل قدر رمية بِحجر بَين الْمزْدَلِفَة وَمنى، وَذكره أَبُو عبيد. وَعند الطَّبَرِيّ: إسم فَاعل من: حسر، بتَشْديد السِّين، سمي بذلك لِأَن فيل أَصْحَاب الْفِيل حسر فِيهِ، أَي: أعيى وكلَّ عَن السّير. قيل: هَذَا غلط، لِأَن الْفِيل لم يعبر الْحرم. وَقيل: سمي بِهِ لِأَنَّهُ يحسر سالكه ويتعبهم، وَيُسمى: وادِ النَّار، وَيُقَال: إِن رجلا اصطاد فِيهِ فَنزلت نَار فَأَحْرَقتهُ، وَحِكْمَة الْإِسْرَاع فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ موقفا لِلنَّصَارَى، فاستحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِسْرَاع فِيهِ. قَوْله: (الْحَرَام) ، صفة الْمشعر، أَي: الْمحرم أَي الَّذِي يحرم عَلَيْهِ الصَّيْد فِيهِ وَغَيره، فَإِنَّهُ من الْحرم، وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ: ذَا الْحُرْمَة. قَوْله: (مَا بدا لَهُم) ، بِلَا همزَة أَي: مَا ظهر لَهُم وسنح فِي خواطرهم وأرادوه. قَوْله: (ثمَّ يرجعُونَ) أَي: إِلَى منى قبل أَن يقف الإِمَام بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (ثمَّ يدْفَعُونَ) . قَوْله: (وَقبل أَن يدْفع) أَي: الإِمَام. قَوْله: (لصَلَاة الْفجْر) ، أَي: عِنْد صَلَاة الْفجْر. قَوْله: (رموا الْجَمْرَة) أَي: جَمْرَة الْعقبَة، وَهِي مرمى يَوْم النَّحْر، وَيُقَال لَهَا: الْجَمْرَة الْكُبْرَى. قَوْله: (أرخص) من الإرخاص، وَهُوَ فعل مَاض وفاعله قَوْله: (رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كَذَا وَقع: أرخص، وَفِي بعض الرِّوَايَات: رخص، بِالتَّشْدِيدِ من الرُّخْصَة الَّتِي هِيَ ضد الْعَزِيمَة، وَهَذَا أظهر وَأَصَح، لِأَن أرخص من الرُّخص الَّذِي هُوَ ضد الغلاء. قَوْله: (فِي أُولَئِكَ) ، هم الضعفة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث، وَاحْتج بِهِ ابْن الْمُنْذر لقَوْل من أوجبت الْمبيت بِمُزْدَلِفَة على غير الضعفة، لِأَن حكم من لم يرخص فِيهِ لَيْسَ كَحكم من رخص فِيهِ. قلت: وَقد اخْتلف السّلف فِي الْمبيت بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَذهب أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَمُحَمّد بن إِدْرِيس فِي أحد قوليه: إِلَى وجوب الْمبيت بهَا، وَأَنه لَيْسَ بِرُكْن، فَمن تَركه فَعَلَيهِ دم، وَهُوَ قَول عَطاء وَالزهْرِيّ وَقَتَادَة وَمُجاهد، وَعَن الشَّافِعِي: سنة، وَهُوَ قَول مَالك. وَقَالَ ابْن بنت الشَّافِعِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015