فَقَط، وَفِي المتنين شَيْء يسير، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

قَوْله: (عَن كريب عَن أُسَامَة) قَالَ ابْن عبد الْبر: رَوَاهُ أَصْحَاب مَالك عَنهُ هَكَذَا إلاَّ أَشهب وَابْن الْمَاجشون فَإِنَّهُمَا أدخلا بَين كريب وَأُسَامَة عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أخرجه النَّسَائِيّ. قَوْله: (وَلم يسبغ الْوضُوء) ، قَالَ ابْن عبد الْبر: أَي: استنجى بِهِ وَأطلق عَلَيْهِ اسْم الْوضُوء اللّغَوِيّ لِأَنَّهُ من الْوَضَاءَة وَهِي النَّظَافَة، وَمعنى الإسباغ الْإِكْمَال أَي: لم يكمل وضوءه فيتوضأ للصَّلَاة، قَالَ: وَقد قيل: إِن معنى قَوْله: (لم يسبغ الْوضُوء) أَي: لم يتَوَضَّأ فِي جَمِيع أَعْضَاء الْوضُوء، بل اقْتصر على بَعْضهَا. وَقيل: إِنَّه تَوَضَّأ وضوأ خَفِيفا، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: اخْتلف الشُّرَّاح فِي قَوْله: (وَلم يسبغ الْوضُوء) ، هَل المُرَاد بِهِ: اقْتصر على بعض الْأَعْضَاء فَيكون وضوأ لغويا؟ وَاقْتصر على بعض الْعدَد فَيكون وضوأ شَرْعِيًّا؟ قَالَ: وَكِلَاهُمَا مُحْتَمل، لَكِن يعضد من قَالَ بِالثَّانِي قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: (وضُوءًا خَفِيفا) لِأَنَّهُ لَا يُقَال فِي النَّاقِص: خَفِيف فَإِن قلت: قَول أُسَامَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصَّلَاة، يدل على أَنه رَآهُ أَنه تَوَضَّأ وضوء الصَّلَاة. قلت: يحْتَمل أَن يكون مُرَاده: أَتُرِيدُ الصَّلَاة؟ فلِمَ لَم تتوضأ وضوء الصَّلَاة؟ وَقَالَ الْخطابِيّ: إِنَّمَا ترك إسباغه حِين نزل الشّعب ليَكُون مستصحبا للطَّهَارَة فِي طَرِيقه، وَتجوز فِيهِ، لِأَنَّهُ لم يرد أَن يُصَلِّي بِهِ، فَلَمَّا نزل وَأَرَادَهَا أسبغه فَإِن قلت: هَذَا يدل على أَنه تَوَضَّأ وضوء الصَّلَاة وَلكنه خفف، ثمَّ لما نزل تَوَضَّأ وضُوءًا آخر وأسبغه، وَالْوُضُوء لَا يشرع مرَّتَيْنِ لصَلَاة وَاحِدَة، قَالَه ابْن عبد الْبر، رَحمَه الله تَعَالَى قلت: لَا نسلم عدم مَشْرُوعِيَّة تكْرَار الْوضُوء لصَلَاة وَاحِدَة، وَلَئِن سلمنَا فَيحْتَمل أَنه تَوَضَّأ ثَانِيًا عَن حدث طَار، وَالله أعلم.

69 - (بابُ منْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا ولَمْ يَتَطَوَّعْ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ أَي: الْمغرب وَالْعشَاء، وَلم يتَطَوَّع، أَي: لم يصل تَطَوّعا بَين الصَّلَاتَيْنِ المذكورتين.

3761 - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبي ذِئْبٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ الله عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ جمَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ بِجَمْعٍ كُلُّ واحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإقَامَةٍ ولَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا ولاَ عَلَى أثَرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة صَرِيحًا من مَتنه، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وَاسم أبي إِيَاس: عبد الرَّحْمَن، أَصله من خُرَاسَان سكن عسقلان، وَابْن أبي ذِئْب، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة: وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، وَاسم أبي ذِئْب: هِشَام الْمدنِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الْمدنِي.

قَوْله: (بِجمع) ، بِفَتْح الْجِيم: وَهُوَ الْمزْدَلِفَة، وَقد فسرناه غير مرّة. قَوْله: (وَلم يسبح بَينهمَا) أَي: لم يتَطَوَّع بَين الْمغرب وَالْعشَاء. قَوْله: (وَلَا على إِثْر) ، بِكَسْر الْهمزَة بِمَعْنى: الْأَثر، بِفتْحَتَيْنِ، أَي: عَقِيبه.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الْحَج عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَعَن مخلد بن خَالِد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عَليّ، وَفِي الصَّلَاة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن وَكِيع.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: الْجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء فِي الْمزْدَلِفَة، وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ، وَلَكِن الْخلاف فِيهِ: هَل هُوَ للنسك أَو لمُطلق السّفر، أَو للسَّفر الطَّوِيل، فَمن قَالَ: للنسك، قَالَ: يجمع أهل مَكَّة وَمنى وعرفة والمزدلفة، وَمن قَالَ: لمُطلق السّفر، قَالَ: يجمعُونَ سوى أهل الْمزْدَلِفَة، وَمن قَالَ للسَّفر الطَّوِيل، قَالَ: يتم أهل مَكَّة وَمنى وعرفة والمزدلفة وَجَمِيع من كَانَ بَينه وَبَينهَا دون مَسَافَة الْقصر، وَيقصر من طَال سَفَره. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَالْعَمَل على هَذَا الحَدِيث عِنْد أهل الْعلم أَنه لَا يُصَلِّي الْمغرب دون جمع. وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله تَعَالَى: كَأَنَّهُ أَرَادَ الْعَمَل عَلَيْهِ مَشْرُوعِيَّة واستحبابا لَا تحتما وَلَا لُزُوما، فَإِنَّهُم لم يتفقوا على ذَلِك، بل اخْتلفُوا فِيهِ. فَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: لَا يُصَلِّيهمَا حَتَّى يَأْتِي جمعا وَله السعَة فِي ذَلِك إِلَى نصف اللَّيْل، فَإِن صلاهما دون جمع أعَاد، وَكَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة: إِن صلاهما قبل أَن يَأْتِي الْمزْدَلِفَة فَعَلَيهِ الْإِعَادَة، وَسَوَاء صلاهما قبل مغيب الشَّفق أَو بعده، فَعَلَيهِ أَن يعيدهما إِذا أَتَى الْمزْدَلِفَة. وَقَالَ مَالك: لَا يُصليهَا أحد قبل جمع إلاَّ من عذر، فَإِن صلاهما من عذر لم يجمع بَينهمَا حَتَّى يغيب الشَّفق، وَذهب الشَّافِعِي إِلَى أَن هَذَا هُوَ الْأَفْضَل، وَأَنه إِن جمع بَينهمَا فِي وَقت الْمغرب أَو فِي وَقت الْعشَاء، بِأَرْض عَرَفَات أَو غَيرهَا أَو صلى كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015