ثَعْلَبَة بن أبي صعير عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (صَاع من بر أَو قَمح على كل اثْنَيْنِ صَغِير أَو كَبِير حر أَو عبد ذكر أَو أُنْثَى، أما غنيكم فيزكيه الله، وَأما فقيركم فَيرد الله عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا أعطَاهُ) . وَأَبُو صعير، بِضَم الصَّاد وَفتح الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء، وَيُقَال: ثَعْلَبَة بن عبد الله بن صعير العذري، حَلِيف بني زهرَة. وَقَالَ ابْن معِين: ثَعْلَبَة ابْن عبد الله بن أبي صعير، وثعلبة بن أبي مَالك جَمِيعًا رَأيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي (الْكَمَال) : روى ثَعْلَبَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زَكَاة الْفطر، روى عَنهُ ابْنه عبد الله، وَفِيه اضْطِرَاب كثير عِنْد الروَاة، وَرُوِيَ عَن ثَعْلَبَة بن عبد الله بن صعير عَن أَبِيه، ويروى: ثَعْلَبَة ابْن عبد الله بن أبي صعير عَن أَبِيه، ويروى: عبد الله بن ثَعْلَبَة بن صعير. وَقَالَ صَاحب (الإِمَام) : فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن يحيى الْجَزْم بقوله: عبد الله بن ثَعْلَبَة بن صعير، وَكَذَا رِوَايَة ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ، وَقَالَ ابْن مَاكُولَا: صَوَابه: ثَعْلَبَة بن صعير العذري، أَو ابْن أبي صعير. فَإِن قلت: قَالَ مهنَّا: ذكرت لِأَحْمَد حَدِيث ثَعْلَبَة بن أبي صعير فِي صَدَقَة الْفطر نصف صَاع من بر، فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيح إِنَّمَا هُوَ مُرْسل، يرويهِ معمر وَابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا. قلت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد شيخ البُخَارِيّ عَن حَمَّاد ابْن زيد، روى لَهُ الْجَمَاعَة، عَن النُّعْمَان بن رَاشد قَالَ البُخَارِيّ هُوَ فِي الْأَمر صَدُوق روى لَهُ الْجَمَاعَة وَالْبُخَارِيّ مستشداً عَن الزُّهْرِيّ روى لَهُ الْجَمَاعَة وعَلى كل حَال الحَدِيث خبر الْوَاحِد يثبت بِهِ الْوُجُوب.
وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث حميد أخبرنَا عَن الْحسن، قَالَ: خطب ابْن عَبَّاس فِي آخر رَمَضَان على مِنْبَر الْبَصْرَة، فَقَالَ: أخرجُوا صَدَقَة صومكم، فَكَأَن النَّاس لم يعلمُوا، قَالَ: من هَهُنَا من أهل الْمَدِينَة؟ قومُوا إِلَى إخْوَانكُمْ فعلموهم فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ، فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الصَّدَقَة، صَاعا من تمر أَو شعير أَو نصف صَاع قَمح) الحَدِيث. فَإِن قلت: قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَمِعت أبي يَقُول: الْحسن لم يسمع ابْن عَبَّاس قلت: جَاءَ فِي (مُسْند أبي يعلى الموصلى) فِي حَدِيث عَن الْحسن، قَالَ: أَخْبرنِي ابْن عَبَّاس، وَهَذَا أَن ثَبت دلّ على سَمَاعه مِنْهُ، وَقَالَ الْبَزَّار فِي (مُسْنده) بعد أَن رَوَاهُ: لَا نعلم روى الْحسن عَن ابْن عَبَّاس غير هَذَا الحَدِيث، وَلم يسمع الْحسن من ابْن عَبَّاس. قلت: وَلَئِن سلمنَا هَذَا فَالْحَدِيث مُرْسل وَهُوَ حجَّة عندنَا، وَيُؤَيِّدهُ طَرِيق آخر عَن ابْن عَبَّاس، رَوَاهُ الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) من حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء، (عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث صَارِخًا بِمَكَّة صَاح: إِن صَدَقَة الْفطر حق وَاجِب مدَّان من قَمح أَو صَاع من شعير أَو تمر) ، وَصَححهُ الْحَاكِم، وَرَوَاهُ الْبَزَّار بِلَفْظ: (أَو صَاع مِمَّا سوى ذَلِك من الطَّعَام) . وَطَرِيق آخر عَن ابْن عَبَّاس أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن الْوَاقِدِيّ: حَدثنَا عبد الله بن عمرَان بن أبي أنس عَن أَبِيه عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن (عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِزَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير أَو مَدين من قَمح) . وَأعله بالواقدي، فَمَا لِلْوَاقِدِي؟ وَهُوَ إِمَام مَشْهُور وَأحد مَشَايِخ الشَّافِعِي؟ وَطَرِيق آخر عَن ابْن عَبَّاس أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ. عَن سَلام الطَّوِيل عَن زيد الْعمي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (صَدَقَة الْفطر عَن كل صَغِير وكبير ذكر أَو أُنْثَى نصف صَاع من بر) الحَدِيث وَأعله بِسَلام.
وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن سَالم بن نوح عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث مناديا يُنَادي فِي فجاج مَكَّة: أَلا إِن صَدَقَة الْفطر وَاجِبَة على كل مُسلم، وَفِيه مدَّان من قَمح) ، وَقَالَ: حسن غَرِيب وَأعله ابْن الْجَوْزِيّ بسالم بن نوح، قَالَ: قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، وَتعقبه صَاحب (التَّنْقِيح) فَقَالَ: صَدُوق، روى لَهُ مُسلم فِي (صَحِيحه) ، وَقَالَ أَبُو زرْعَة: صَدُوق ثِقَة، وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان. وَطَرِيق آخر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ بن صَالح عَن ابْن جريج (عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر صائحا فصاح: إِن صَدَقَة الْفطر حق وَاجِب على كل مُسلم مدّان من قَمح) . قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: عَليّ بن صَالح ضَعَّفُوهُ قَالَ صَاحب (التَّنْقِيح) : هَذَا خطأ مِنْهُ وَلَا نعلم أحدا ضعفه لكنه غير مَشْهُور الْحَال، وَقيل: هُوَ مكي مَعْرُوف، وَهُوَ أحد الْعباد، وكنيته أَبُو الْحسن.
وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ حَدِيث آخر رَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) من طَرِيق ابْن الْمُبَارك أخبرنَا ابْن لَهِيعَة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر (عَن أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَت: كُنَّا نُؤَدِّي زَكَاة الْفطر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مدّين من قَمح بِالْمدِّ الَّذِي نقتات بِهِ) ، وَضَعفه ابْن الْجَوْزِيّ بِابْن لَهِيعَة. وَقَالَ صَاحب (التَّنْقِيح) : وَحَدِيث ابْن لَهِيعَة يصلح للمتابعة سِيمَا إِذا كَانَ من رِوَايَة إِمَام مثل ابْن الْمُبَارك عَنهُ.
وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ حَدِيث آخر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي بكر بن عَيَّاش