32 - (كِتَابُ الجَنَائِزِ)

أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْجَنَائِز، كَذَا وَقع للأصيلي وَأبي الْوَقْت، وَوَقع لكريمة: بَاب الْجَنَائِز وَكَذَا وَقع لأبي ذَر وَلَكِن بِحَذْف لَفْظَة بَاب، والجنائز جمع: جَنَازَة، وَهِي بِفَتْح الْجِيم اسْم للْمَيت الْمَحْمُول، وبكسرها اسْم للنعش الَّذِي يحمل عَلَيْهِ الْمَيِّت، وَيُقَال عكس ذَلِك، حَكَاهُ صَاحب (الْمطَالع) واشتقاقها من: جنز، إِذا ستر، ذكره ابْن فَارس وَغَيره، ومضارعه يجنز، بِكَسْر النُّون. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْجِنَازَة وَاحِدَة الْجَنَائِز، والعامة تَقول: الْجِنَازَة، بِالْفَتْح، وَالْمعْنَى للْمَيت على السرير، فَإِذا لم يكن عَلَيْهِ الْمَيِّت فَهُوَ سَرِير. ونعش، قيل: أورد المُصَنّف كتاب الْجَنَائِز بَين الصَّلَاة وَالزَّكَاة لِأَن الَّذِي يفعل بِالْمَيتِ من غسل وتكفين وَغير ذَلِك أهمه الصَّلَاة عَلَيْهِ لما فِيهَا من فَائِدَة الدُّعَاء بالنجاة من الْعَذَاب وَلَا سِيمَا عَذَاب الْقَبْر الَّذِي يدْفن فِيهِ انْتهى. قلت: للْإنْسَان حالتان: حَالَة الْحَيَاة وَحَالَة الْمَمَات، وَيتَعَلَّق بِكُل مِنْهُمَا أَحْكَام الْعِبَادَات وَأَحْكَام الْمُعَامَلَات، فَمن الْعِبَادَات الصَّلَاة الْمُتَعَلّقَة بِالْإِحْيَاءِ، وَلما فرغ من بَيَان ذَلِك شرع فِي بَيَان الصَّلَاة الْمُتَعَلّقَة بالموتى.

1 - ومَنْ كانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إلاهَ إلاَّ الله

هَذَا من التَّرْجَمَة، وَفِي غَالب النّسخ: بَاب من كَانَ آخر كَلَامه: لَا إِلَه إِلَّا الله، أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حَال من كَانَ آخر كَلَامه عِنْد خُرُوجه من الدُّنْيَا: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَلم يذكر جَوَاب: من، وَهُوَ فِي الحَدِيث مَذْكُور، وَهُوَ لفظ: دخل الْجنَّة، وَقد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مَالك بن عبد الْوَاحِد المسمعي عَن الضَّحَّاك بن مخلد عَن عبد الحميد بن جَعْفَر عَن صَالح بن أبي عريب عَن كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ عَن معَاذ بن جبل، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة) . وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد، وروى أَبُو بكر بن أبي شيبَة بِإِسْنَادِهِ عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إعلم أَن من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة) . وَفِي (مُسْند مُسَدّد) : (عَن معَاذ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا معَاذ! قَالَ: لبيْك يَا رَسُول الله، قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: بشر النَّاس أَنه من قَالَ: لَا إِلَه إلاَّ الله، دخل الْجنَّة) . وروى أَبُو يعلى فِي (مُسْنده) : (عَن أبي حَرْب بن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: أشهد على أبي أَنه قَالَ: أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أنادي: أَنه من شهد أَن لَا إِلَه إلاَّ الله دخل الْجنَّة) . وَقَالَ الْكرْمَانِي قَوْله: (لَا إِلَه إلاَّ الله) أَي: هَذِه الْكَلِمَة، وَالْمرَاد هِيَ وضميمتها: مُحَمَّد رَسُول الله. قلت: ظَاهر الحَدِيث فِي حق الْمُشرك فَإِنَّهُ إِذا قَالَ: لَا إِلَه إلاَّ الله، يحكم بِإِسْلَامِهِ فَإِذا اسْتمرّ على ذَلِك إِلَى أَن مَاتَ دخل الْجنَّة. وَأما الموحد من الَّذين يُنكرُونَ نبوة سيدنَا مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يَدعِي أَنه مَبْعُوث للْعَرَب خَاصَّة، فَإِنَّهُ لَا يحكم بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّد قَوْله: لَا إِلَه إلاَّ الله، فَلَا بُد من ضميمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015