أَهله) ، وَلأَحْمَد فِي رِوَايَة عَن معمر عَن ابْن شهَاب: امْتَلَأَ الْمَسْجِد حَتَّى اغتص بأَهْله) ، وَله من رِوَايَة سُفْيَان بن حُسَيْن عَنهُ: (فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الرَّابِعَة غص الْمَسْجِد بأَهْله) . قَوْله: (فَلم يخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن ابْن جريج: (حَتَّى سَمِعت نَاسا مِنْهُم يَقُولُونَ: الصَّلَاة) ، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن حُسَيْن عَنهُ: (فَقَالُوا مَا شَأْنه؟) وَفِي حَدِيث زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاعْتِصَام: حَدثنَا إِسْحَاق أخبرنَا عَفَّان حَدثنَا وهيب حَدثنَا مُوسَى بن عقبَة سَمِعت أَبَا النَّضر يحدث عَن بسر بن سعيد، (عَن زيد بن ثَابت: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتخذ حجرَة فِي الْمَسْجِد من حَصِير، فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا ليَالِي حَتَّى اجْتمع إِلَيْهِ نَاس، ثمَّ فقدوا صَوته لَيْلَة فظنوا أَنه قد نَام، فَجعل بَعضهم يَتَنَحْنَح ليخرج إِلَيْهِم فَقَالَ: مَا زَالَ بكم الَّذِي رَأَيْت من صنيعكم حَتَّى خشيت أَن يكْتب عَلَيْكُم، وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ، فصلوا أَيهَا النَّاس فِي بُيُوتكُمْ فَإِن أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إلاّ الْمَكْتُوبَة) . وَأخرجه أَيْضا فِي الْأَدَب، وَلَفظه: (احتجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجيرة مخصفة، أَو حجيرا فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِيهَا فتتبع إِلَيْهِ رجال فجاؤا يصلونَ بصلاتهم، ثمَّ جاؤا لَيْلَة فَحَضَرُوا وَأَبْطَأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُم، فَلم يخرج إِلَيْهِم، فَرفعُوا أَصْوَاتهم وحصبوا الْبَاب، فَخرج إِلَيْهِم مغضبا فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا زَالَ بكم صنيعكم حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيكتب عَلَيْكُم، فَعَلَيْكُم بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتكُمْ فَإِن خير صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إلاّ الْمَكْتُوبَة) . وَأخرجه مُسلم أَيْضا وَفِيه: (فَأَبْطَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُم فَلم يخرج إِلَيْهِم، فَرفعُوا أَصْوَاتهم وحصبوا الْبَاب. .) وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا وَفِيه: (حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة من اللَّيَالِي لم يخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فتنحنحوا وَرفعُوا أَصْوَاتهم وحصبوا بَابه. .) الحَدِيث. وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا نَحْو رِوَايَة البُخَارِيّ. قَوْله: (فَلَمَّا أصبح قَالَ: قد رَأَيْت الَّذِي صَنَعْتُم) وَفِي رِوَايَة عقيل: (فَلَمَّا قضى صَلَاة الْفجْر أقبل على النَّاس وَتشهد ثمَّ قَالَ: أما بعد، فَإِنَّهُ لم يخف على مَكَانكُمْ) . وَفِي رِوَايَة يُونُس وَابْن جريج: (لم يخف عَليّ شَأْنكُمْ) ، وَفِي رِوَايَة أبي سَلمَة: (أكلفوا من الْعَمَل مَا تطيقون، وَفِي رِوَايَة معمر أَن الَّذِي سَأَلَهُ عَن ذَلِك بعد أَن أصبح عمر بن الْخطاب. قَوْله: (أَن تفرض عَلَيْكُم) أَي: بِأَن تفرض عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل، يدل عَلَيْهِ رِوَايَة يُونُس: (وَلَكِنِّي خشيت أَن تفرض عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل فتعجزوا عَنْهَا) ، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي سَلمَة الْمَذْكُور قبيل صفة الصَّلَاة، (خشيت أَن تكْتب عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل) ، فدلت هَذِه الرِّوَايَات على أَن عدم خُرُوجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم كَانَ للخشية عَن فَرضِيَّة هَذِه الصَّلَاة لَا لعِلَّة أُخْرَى. قَوْله: (وَذَلِكَ فِي رَمَضَان) كَلَام عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، ذكرته إدراجا لتبين أَن هَذِه الْقَضِيَّة كَانَت فِي شهر رَمَضَان. فَإِن قلت: لم يبين فِي الرِّوَايَات الْمَذْكُورَة عدد هَذِه الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ اللَّيَالِي؟ قلت: روى ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان من حَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: (صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَان ثَمَان رَكْعَات ثمَّ أوتر) . (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ جَوَاز النَّافِلَة جمَاعَة وَلَكِن الْأَفْضَل فِيهَا الِانْفِرَاد وَفِي التَّرَاوِيح اخْتلف الْعلمَاء فَذهب اللَّيْث بن سعد وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأحمد وَإِسْحَق إِلَى أَن قيام التَّرَاوِيح مَعَ الإِمَام فِي شهر رَمَضَان أفضل مِنْهُ فِي الْمنَازل وَقَالَ بِهِ قوم من الْمُتَأَخِّرين من أَصْحَاب أبي حنيفَة وَأَصْحَاب الشَّافِعِي فَمن أَصْحَاب أبي حنيفَة عِيسَى بن أبان وبكار بن قُتَيْبَة وَأحمد بن أبي عمرَان أحد مَشَايِخ الطَّحَاوِيّ وَمن أَصْحَاب الشَّافِعِي إِسْمَاعِيل بن يحيى الْمُزنِيّ وَمُحَمّد بن عبد الله بن الحكم وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي ذَر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " صمت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَمَضَان فَلم يقم بِنَا حَتَّى بَقِي سبع من الشَّهْر فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة السَّابِعَة خرج فصلى بِنَا حَتَّى مضى ثلث اللَّيْل ثمَّ لم يصل بِنَا السَّادِسَة ثمَّ خرج لَيْلَة الْخَامِسَة فصلى بِنَا حَتَّى مضى شطر اللَّيْل فَقُلْنَا يَا رَسُول الله لَو نفلتنا فَقَالَ إِن الْقَوْم إِذا صلوا مَعَ الإِمَام حَتَّى ينْصَرف كتب لَهُم قيام تِلْكَ اللَّيْلَة ثمَّ لم يصل بِنَا الرَّابِعَة حَتَّى إِذا كَانَت لَيْلَة الثَّالِثَة خرج وَخرج بأَهْله فصلى بِنَا حَتَّى خشينا أَن يفوتنا الْفَلاح فَقلت وَمَا الْفَلاح قَالَ السّحُور " أخرجه الطَّحَاوِيّ وأخره التِّرْمِذِيّ نَحوه غير أَن فِي لَفظه " من قَامَ مَعَ الإِمَام حَتَّى ينْصَرف كتب لَهُ قيام لَيْلَة " وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَيْضا ويحكى ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب وَمُحَمّد بن سِيرِين وَطَاوُس (قلت) هُوَ مَذْهَب أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة وَقَالَ صَاحب الْهِدَايَة يسْتَحبّ أَن يجْتَمع النَّاس فِي شهر رَمَضَان بعد الْعشَاء فَيصَلي بهم إمَامهمْ خمس ترويحات ثمَّ قَالَ وَالسّنة فِيهَا الْجَمَاعَة لَكِن على وَجه الْكِفَايَة حَتَّى لَو امْتنع أهل الْمَسْجِد من إِقَامَتهَا كَانُوا مسيئين وَلَو أَقَامَهَا الْبَعْض فالمتخلف عَن الْجَمَاعَة تَارِك للفضيلة لِأَن أَفْرَاد الصَّحَابَة يرْوى عَنْهُم التَّخَلُّف (قلت) روى الطَّحَاوِيّ عَن نَافِع " عَن ابْن عمر أَنه كَانَ لَا يُصَلِّي خلف الإِمَام فِي شهر