وَأخرجه أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن عبد الله، وَفِي الِاعْتِصَام أَيْضا عَن مُحَمَّد بن سَلام، وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة عَن لَيْث. وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن عبيد الله بن سعيد وَأَعَادَهُ فِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (طرقه) أَي: أَتَاهُ لَيْلًا. قَوْله: (وَفَاطِمَة) بِالنّصب عطفا على الضَّمِير الْمَنْصُور فِي: طرقه. قَوْله: (لَيْلَة) ، أَي: لَيْلَة من اللَّيَالِي فَإِن قلت: مَا فَائِدَة ذكر لَيْلَة والطروق هُوَ الْإِتْيَان بِاللَّيْلِ؟ قلت: يكون للتَّأْكِيد، وَذكر ابْن فَارس ان معنى: طرق أَتَى من غير تَقْيِيد بِشَيْء، فعلى هَذَا تكون لَيْلَة لبَيَان وَقت الْمَجِيء، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بقوله: لَيْلَة، أَي: مرّة وَاحِدَة. قلت: هَذَا غير موجه لِأَن أحدا لم يقل: إِن التَّنْوِين فِيهِ للمرة، فَظن أَن كَون لَيْلَة على وزن فعلة يدل على الْمرة وَلَيْسَ كَذَلِك، وَالْمعْنَى مَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (أَلا تصليان؟) كلمة: أَلا، للحث والتحريض وَالْخطاب لعَلي وَفَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَوْله: (أَنْفُسنَا بيد الله) اقتباس من قَوْله تَعَالَى: {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} (الزمر: 24) . كَذَا قيل، وَفِيه نظر. قَوْله: (بعثنَا) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول، أَي: لَو شَاءَ الله أَن يوقظنا أيقظنا، وأصل الْبَعْث إثارة الشَّيْء من مَوْضِعه. قَوْله: (فَانْصَرف) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (حِين قلت) ، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: (حِين قُلْنَا) قَوْله: (ذَلِك) إِشَارَة إِلَى قَوْله: (انفسنا بيد الله) . قَوْله: (وَلم يرجع إِلَيّ شَيْئا) ، بِفَتْح الْيَاء مَعْنَاهُ: لم يجبني، وَرجع يَأْتِي لَازِما ومتعديا. قَوْله: (وَهُوَ مول) جملَة إسمية وَقعت حَالا أَي: معرض عَنَّا مُدبرا. وَكَذَا قَوْله: (يضْرب فَخذه) ، جملَة حَالية، وَيفْعل ذَلِك عِنْد التوجع والتأسف. قَوْله: (وَهُوَ يَقُول كَذَلِك) جملَة حَالية، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك تَعَجبا من سرعَة جوابة، وَقيل: إِنَّمَا قَالَه تَسْلِيمًا لعذره وَأَنه لَا عتب عَلَيْهِ.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن السُّكُوت يكون جَوَابا. وَفِيه: جَوَاز ضرب الْفَخْذ عِنْد التأسف. وَفِيه: جَوَاز الانتزاع من الْقُرْآن. وَفِيه: تَرْجِيح قَول من قَالَ: إِن اللَّام فِي قَوْله: (وَكَانَ الْإِنْسَان) للْعُمُوم لَا لخُصُوص الْكفَّار. وَفِيه: منقبة لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَيْثُ نقل مَا فِيهِ عَلَيْهِ أدنى غَضَاضَة، فَقدم مصلحَة نشر الْعلم وتبليغه على كتمه. وَفِيه: مَا نقل ابْن بطال عَن الْمُهلب أَنه: لَيْسَ للْإِمَام أَن يشدد فِي النَّوَافِل حَيْثُ قنع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (أَنْفُسنَا بيد الله) ، لِأَنَّهُ كَلَام صَحِيح فِي الْعذر عَن التَّنَفُّل، وَلَو كَانَ فرضا مَا أعذره. وَفِيه: إِشَارَة إِلَى أَن نفس النَّائِم ممسكة بيد الله تَعَالَى.
8211 - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ إنْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيَدَعَ العَمَلَ وَهْوَ يُحِبُّ أنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ وَمَا سَبَّحَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُبْحَةَ الضُّحاى قَطُّ وإنِّي لأُسَبِّحُهَا.
(الحَدِيث 8211 طرفه فِي: 7711) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْعَمَل الَّذِي كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب أَن يعْمل بِهِ لَا يَخْلُو عَن تحريض أمته عَلَيْهِ، غير أَنه كَانَ يتْركهُ خشيَة أَن يعْمل بِهِ النَّاس فيفرض عَلَيْهِم، وَيحْتَمل أَن تكون الْمُطَابقَة للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة، وَهُوَ قَوْله: (والنوافل) فَإِنَّهَا أَعم من أَن تكون بِاللَّيْلِ أَو بِالنَّهَارِ، فَيكون مَحل الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَإِنِّي لأُسبحها) ، وَفِيه تحريض على ذَلِك، وَقد تكَرر ذكر رِجَاله.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة، أربعتهم عَن مَالك عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
قَوْله: (أَن كَانَ) ، كلمة: إِن، بِكَسْر الْهمزَة مُخَفّفَة عَن الثَّقِيلَة، وَأَصله: إِنَّه كَانَ، فَحذف ضمير الشان وخففت النُّون. قَوْله: (ليَدع) ، بِفَتْح اللَّام الَّتِي للتَّأْكِيد، أَي: ليترك. قَوْله: (خشيَة) بِالنّصب أَي: لأجل خشيَة أَن يعْمل بِهِ النَّاس، وَهُوَ مُتَعَلق بقوله: (ليَدع) . قَوْله: (فيفرض) ، بِالنّصب عطفا على: (أَن يعْمل. قَوْله: (وَمَا سبح) أَي: وَمَا تفل، وَأَرَادَ بسبحة الضُّحَى: صَلَاة الضُّحَى. قَوْله: (وَإِنِّي لأسبحها) أَي: أصليها، ويروى لاستحبها من الِاسْتِحْبَاب، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا من عَائِشَة إِخْبَار عَمَّا عَلمته دون مَا لم تعلم، وَقد ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الضُّحَى يَوْم الْفَتْح، وَأوصى أَبَا ذَر وَأَبا هُرَيْرَة، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: أما قَوْلهَا: مَا سبح سبْحَة الضُّحَى قطّ، فَهُوَ أَن من علم من السّنَن علما خَاصّا يَأْخُذ عَنهُ بعض أهل الْعلم دون بعض، فَلَيْسَ لأحد من الصَّحَابَة إلاّ وَقد فَاتَهُ من الحَدِيث مَا أَحْصَاهُ غَيره، والإحاطة