وَفِي (الْمُوَطَّأ) : عَن ابْن عمر أَنه لَا يقنت فِي شَيْء من الصَّلَوَات، والقنوت ورد لمعان كَثِيرَة، وَالْمرَاد هَهُنَا الدُّعَاء إِمَّا مُطلقًا وَإِمَّا مُقَيّدا بالأذكار الْمَشْهُورَة نَحْو: اللَّهُمَّ اهدنا فِيمَن هديت. .
1001 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سُئِلَ أنَسٌ أقَنَتَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصُّبْحِ قالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أوَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بعد الرُّكُوع يَسِيرا) ، وَهُوَ الْجُزْء الثَّانِي للتَّرْجَمَة.
وَرِجَاله كلهم قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَفِي بعض النّسخ: عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين.
قَوْله: (سُئِلَ أنس) وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: عَن أَيُّوب عِنْد مُسلم (قلت لأنس) . قَوْله: (أقنت؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (فَقيل لَهُ: أوقنت؟) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِغَيْر وَاو، وَفِي رِوَايَة الإسماعيل: (هَل قنت؟) . قَوْله: (بعد الرُّكُوع يَسِيرا) قَالَ الْكرْمَانِي أَي: زَمَانا يَسِيرا، أَي: قَلِيلا، وَهُوَ بعد الِاعْتِدَال التَّام. وَقَالَ الطرقي: أَرَادَ يَسِيرا من الزَّمَان لَا يَسِيرا من الْقُنُوت، لِأَن أدنى الْقيام يُسمى قنوتا، فاستحال أَن يُوصف بالحقارة. وَقَالَ بَعضهم: قد بَين عَاصِم فِي رِوَايَته مِقْدَار هَذَا الْيَسِير حَيْثُ قَالَ فِيهَا: إِنَّمَا قنت بعد الرُّكُوع شهرا. قلت: رِوَايَة عَاصِم رَوَاهَا البُخَارِيّ على مَا يَجِيء عَن قريب، وَرَوَاهَا أَيْضا مُسلم فِي (صَحِيحه) : حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب قَالَا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن عَاصِم (عَن أنس، قَالَ: سَأَلت عَن الْقُنُوت بعد الرُّكُوع أَو قبل الرُّكُوع؟ فَقَالَ: قبل الرُّكُوع. قَالَ: قلت: فَإِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت بعد الرُّكُوع؟ فَقَالَ: إِنَّمَا قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا يَدْعُو على أنَاس قتلوا أُنَاسًا من أَصْحَابه يُقَال لَهُم: الْقُرَّاء) . انْتهى. فَهَذَا صَرِيح بِأَن المُرَاد من قَوْله: (يَسِيرا) يَعْنِي شهرا، وَهُوَ يرد على الْكرْمَانِي فِيمَا قَالَه. ثمَّ إعلم أَن هَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن أنس من وُجُوه خلاف ذَلِك، فروى إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَنهُ أَنه قَالَ: (قنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثَلَاثِينَ صباحا يَدْعُو على رعل وذكوان وَعصيَّة) . وروى قَتَادَة عَنهُ نَحوا من ذَلِك، وروى عَنهُ حميد: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا قنت عشْرين يَوْمًا. وروى عَنهُ عَاصِم: أَنه قنت شهرا وَأَنه قبل الرُّكُوع، وَقد ذَكرْنَاهُ الأن عَن مُسلم، فَهَؤُلَاءِ كلهم أخبروا عَن أنس خلاف مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن سِيرِين عَنهُ، فَلم يجز لأحد أَن يحْتَج فِي حَدِيث أنس بِأحد الْوَجْهَيْنِ بِمَا رُوِيَ عَنهُ، لِأَن لخصمه أَن يحْتَج عَلَيْهِ بِمَا رُوِيَ عَنهُ مِمَّا يُخَالف ذَلِك. وأصرح من ذَلِك كُله مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن أنس فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة (عَن أنس بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قنت شهرا ثمَّ تَركه) . فَقَوله: (ثمَّ تَركه) ، يدل على أَن الْقُنُوت فِي الْفَرَائِض كَانَ ثمَّ نسخ. فَإِن قلت: قَالَ الْخطابِيّ معنى قَوْله: (ثمَّ تَركه) أَي: ترك الدُّعَاء على هَؤُلَاءِ الْقَبَائِل وَهِي: رعل وذكوان وَعصيَّة، أَو ترك الْقُنُوت فِي الصَّلَوَات وَأَرْبع وَلم يتْركهُ فِي صَلَاة الصُّبْح. قلت: هَذَا كَلَام متحكم متعصب بِلَا تَوْجِيه وَلَا دَلِيل، فَإِن الضَّمِير فِي: تَركه، يرجع إِلَى الْقُنُوت الَّذِي يدل عَلَيْهِ لفظ قنت، وَهُوَ عَام يتَنَاوَل جَمِيع الْقُنُوت الَّذِي كَانَ فِي الصَّلَوَات، وَتَخْصِيص الْفجْر من بَينهمَا بِلَا دَلِيل من اللَّفْظ يدل عَلَيْهِ بَاطِل، وَقَوله: أَي ترك الدُّعَاء، غير صَحِيح لِأَن الدُّعَاء لم يمض ذكره، وَلَئِن سلمنَا فالدعاء هُوَ عين الْقُنُوت وَمَا ثمَّ شَيْء غَيره، فَيكون قد ترك الْقُنُوت، وَالتّرْك بعد الْعَمَل نسخ، وَقد اخْتلف الْعلمَاء هَل الْقُنُوت قبل الرُّكُوع أَو بعده؟ فمذهب أبي حنيفَة أَنه قبل الرُّكُوع، وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ والبراء بن عَازِب وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَأنس وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَعبيدَة السَّلمَانِي وَحميد الطَّوِيل وَابْن أبي ليلى، وَبِه قَالَ: مَالك وَإِسْحَاق وَابْن الْمُبَارك، وصحيح مَذْهَب الشَّافِعِي: بعد الرُّكُوع، وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن أبي بكر الصّديق وَعمر وَعُثْمَان وَعلي فِي قَول، وَحكى أَيْضا التَّخْيِير. قبل الرُّكُوع وَبعده، عَن أنس وَأَيوب بن أبي تَمِيمَة وَأحمد بن حَنْبَل.
2001 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حدَّثنا عاصِمٌ قَالَ سألْتُ أنَسَ بنَ مالكٍ عنِ القُنُوتِ فَال قَدْ كانَ القُنُوتُ قُلْتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ قَالَ فإنَّ فُلانا أَخْبرنِي عَنْكَ أنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرّكُوعِ فَقَالَ كَذَبَ إنَّمَا قَنَتَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرا أُرَاهُ كانَ