حَدِيث هَذَا الْبَاب من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَمَا وَجه إِدْخَاله بَين أَبْوَاب أَحْكَام السُّجُود؟ قلت: لَهُ تعلق بِالسُّجُود من حَيْثُ إِن الشّعْر يسْجد مَعَ الراس إِذا لم يكف. وَأما حِكْمَة النَّهْي عَن ذَلِك فَهُوَ مَا قد ذَكرْنَاهُ عَن أبي دَاوُد، فَإِنَّهُ رُوِيَ من حَدِيث أبي رَافع أَنه رأى الْحسن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، يُصَلِّي وَقد غرز ضفيرته فِي قَفاهُ، فَحلهَا وَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ذَلِك مقْعد الشَّيْطَان.
815 - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ وَهْوَ ابنُ زَيْدٍ عنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ عنْ طَاوُسٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ وَلاَ يَكُفَّ ثَوْبَهُ ولاَ شَعَرَهُ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَمَا يتَعَلَّق بِهِ قد ذَكرْنَاهُ فِي: بَاب السُّجُود على الْأنف.
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته لَا يكف الْمُصَلِّي ثَوْبه فِي الصَّلَاة.
816 - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوانَةَ عنْ عَمْرٍ وَعَن طاوُسٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ لاَ أكْفُّ شَعَرا وَلاَ ثَوْبا.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا كَمَا قد رَأَيْته، قد أخرجه عَن خمس طرق، وَوضع لكل طَرِيق تَرْجَمَة فَفِي الطَّرِيق الأول وَالرَّابِع: أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي الثَّانِي: أمرنَا، وَفِي الثَّالِث وَالْخَامِس: أمرت. وَفِي الأول: وَلَا يكف، وَكَذَا فِي الرَّابِع. وَفِي الثَّانِي: لَا نكف، بنُون الْجمع، وَفِي الثَّالِث: وَلَا نكفت، وَفِي الْخَامِس: لَا أكف بِصِيغَة الْمُتَكَلّم وَحده، وَفِي الأول وَالْخَامِس: الشّعْر مقدم، وَفِي الْبَقِيَّة: الثَّوْب مقدم، وَفِي الأول: على سَبْعَة أَعْضَاء، وَفِي الْبَقِيَّة: على سَبْعَة أعظم.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّسْبِيح وَالدُّعَاء فِي حَالَة السَّجْدَة، وَقد تقدّمت هَذِه التَّرْجَمَة بحديثها فِيمَا تقدم عَن قريب، وَلَكِن هُنَاكَ: بَاب الدُّعَاء فِي الرُّكُوع، والْحَدِيث هُنَاكَ عَن عَائِشَة أَيْضا، كَمَا نذكرهُ الْآن.
817 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ سُفْيَانَ قَالَ حدَّثني مَنْصُورٌ عنْ مُسْلِمٍ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عائِشةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّهَا قالَتْ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأوَّلُ القُرآنَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأخرجه فِي: بَاب الدُّعَاء فِي الرُّكُوع، عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن مَنْصُور عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة. . إِلَى آخِره نَحوه، غير أَن هَهُنَا: يكثر أَن يَقُول، وَهُنَاكَ: كَانَ يَقُول، وَهَهُنَا زِيَادَة وَهِي قَوْله: يتَأَوَّل الْقُرْآن، وَهَهُنَا ذكر اسْم أبي الضُّحَى، وَهُوَ: مُسلم بن صبيح، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره حاء مُهْملَة. وَهُنَاكَ: اقْتصر على ذكر كنيته، وَهِي أَبُو الضُّحَى، بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وبالقصر، والإسناد هَهُنَا أنزل من الْإِسْنَاد الَّذِي هُنَاكَ، لِأَن بَينه وَبَين عَائِشَة هُنَاكَ خَمْسَة، وَهَهُنَا سِتَّة، لِأَنَّهُ يروي عَن مُسَدّد بن مسرهد عَن يحيى الْقطَّان عَن سُفْيَان الثَّوْريّ ألى آخِره.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء. قَوْله: (يتَأَوَّل الْقُرْآن) ، أَي: يعْمل مَا أَمر بِهِ فِي قَول الله تَعَالَى: {فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ} (النَّصْر: 3) . .
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْمكْث، وَهُوَ اللّّبْث بَين السَّجْدَتَيْنِ فِي الصَّلَاة، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ (بَين السُّجُود) .