حَدِيث أنس مُخْتَصر من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَأَن الْقِصَّة فيهمَا وَاحِدَة فَسَيَأْتِي فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " رَأَيْت الْجنَّة وَالنَّار " كَمَا قَالَ فِي حَدِيث أنس وَقد قَالُوا لَهُ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس " رَأَيْنَاك تكعكعت " فَهَذَا مَوضِع التَّرْجَمَة انْتهى. وَالَّذِي قلته هُوَ الْأَوْجه لم يُنَبه عَلَيْهِ أحد من الشُّرَّاح وَبِه يسْقط أَيْضا اعْتِرَاض الْإِسْمَاعِيلِيّ على إِيرَاد البُخَارِيّ حَدِيث أنس هَذَا فِي هَذَا الْبَاب فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ نظر الْمَأْمُومين إِلَى الإِمَام فَكيف يَقُول لَيْسَ فِيهِ نظر الْمَأْمُومين إِلَى الإِمَام وَأنس يخبر بقوله " فَأَشَارَ بِيَدِهِ قبل قبْلَة الْمَسْجِد " فَلَو لم يكن هُوَ نَاظرا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما رأى إِشَارَته بِيَدِهِ إِلَى جِهَة الْقبْلَة وَأبْعد من اعْتِرَاض الْإِسْمَاعِيلِيّ قَول بَعضهم فِي جَوَاب اعتراضه وَأجِيب بِأَن فِيهِ أَن الإِمَام رفع بَصَره إِلَى مَا أَمَامه وَإِذا سَاغَ ذَلِك للْإِمَام سَاغَ للْمَأْمُوم انْتهى (قلت) سُبْحَانَ الله مَا أبعد هَذَا من الْمَقْصُود لِأَن التَّرْجَمَة لَيست فِيمَا ذكره وَإِنَّمَا هِيَ فِي رفع الْبَصَر إِلَى الإِمَام وَأَيْنَ هَذَا من ذَلِك (ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة. الأول مُحَمَّد بن سِنَان بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَبعد الْألف نون أُخْرَى أَبُو بكر الْعَوْفِيّ الْبَاهِلِيّ الْأَعْمَى مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي فليح بِضَم الْفَاء ابْن سُلَيْمَان بن أبي الْمُغيرَة أَبُو يحيى الْخُزَاعِيّ. الثَّالِث هِلَال بن عَليّ وَيُقَال هِلَال بن أبي مَيْمُونَة وهلال بن أبي هِلَال وَيُقَال هِلَال بن أُسَامَة الفِهري الْمَدِينِيّ مَاتَ فِي آخر خلَافَة هِشَام بن عبد الْملك. الرَّابِع أنس بن مَالك. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه القَوْل فِي موضِعين وَفِيه أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده وَفِيه عَن أنس وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي الرقَاق التَّصْرِيح بِسَمَاع هِلَال من أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن صَالح وَفِي الرقَاق عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن فليح عَن أَبِيه (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " ثمَّ رقي الْمِنْبَر " بِكَسْر الْقَاف يُقَال رقيت فِي السّلم إِذا صعدت وَقَالَ ابْن التِّين وَوَقع فِي بعض النّسخ " رقي " بِفَتْح الْقَاف قَوْله " بِيَدِهِ " ويروى " بيدَيْهِ " قَوْله " قبل قبْلَة الْمَسْجِد " بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي جِهَة قبْلَة الْمَسْجِد وَيُقَال جَلَست قبل فلَان أَي عِنْده قَوْله " الْآن " هُوَ اسْم للْوَقْت الَّذِي أَنْت فِيهِ وَهُوَ ظرف غير مُتَمَكن وَقع معرفَة وَلم تدخل عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام للتعريف لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يشركهُ قَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) هُوَ للْحَال وَرَأَيْت للماضي فَكيف يَجْتَمِعَانِ (قلت) دُخُول قد عَلَيْهِ قربه للْحَال (فَإِن قلت) فَمَا قَوْلك فِي صليت فَإِنَّهُ للمضي الْبَتَّةَ قَالَ ابْن الْحَاجِب كل مخبر أَو منشىء فقصده الْحَاضِر فَمثل صليت يكون للماضي الملاصق للحاضر أَو أُرِيد بالآن مَا يُقَال عرفا أَنه الزَّمَان الْحَاضِر لَا اللحظة الْحَاضِرَة الْغَيْر المنقسمة الْمُسَمَّاة بِالْحَال (فَإِن قلت) مُنْذُ حرف أَو اسْم (قلت) جَازَ الْأَمْرَانِ فَإِن كَانَ اسْما فَهُوَ مُبْتَدأ وَمَا بعده خَبره وَالزَّمَان مُقَدّر قبل صليت وَقَالَ الزّجاج بعكس ذَلِك قَوْله " ممثلتين " أَي مصورتين قَوْله " فَلم أر كَالْيَوْمِ " الْكَاف هَهُنَا وضع نصب التَّقْدِير فَلم أر منْظرًا مثل منظري الْيَوْم قَوْله " فِي الْخَيْر " أَي فِي أَحْوَال الْخَيْر قَوْله " ثَلَاثًا " يتَعَلَّق بقوله " قَالَ " أَي قَالَ ثَلَاث مَرَّات

(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم رفع الْبَصَر إِلَى جِهَة السَّمَاء فِي الصَّلَاة يَعْنِي يكره ذَلِك لدلَالَة حَدِيث الْبَاب عَلَيْهِ وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ وَالْخلاف فِي خَارج الصَّلَاة فِي الدُّعَاء فكرهه شُرَيْح وَطَائِفَة وَأَجَازَهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَن السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء كَمَا أَن الْكَعْبَة قبْلَة الصَّلَاة قَالَ عِيَاض رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِيهِ نوع إِعْرَاض عَن الْقبْلَة وَخُرُوج عَن هَيْئَة الصَّلَاة وَقَالَ ابْن حزم لَا يحل ذَلِك وَبِه قَالَ قوم من السّلف وَقَالَ ابْن بطال وَابْن التِّين أجمع الْعلمَاء على كَرَاهَة النّظر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة لهَذَا الحَدِيث وَلما فِي مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ " لينتهين أَقوام يرفعون أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة أَو لتخطفن أَبْصَارهم " وَعِنْده أَيْضا عَن جَابر بن سَمُرَة مثله بِزِيَادَة " أَو لَا يرجع إِلَيْهِم " وَعند ابْن مَاجَه عَن ابْن عمر " لَا تَرفعُوا أبصاركم إِلَى السَّمَاء أَن تلتمع " يَعْنِي فِي الصَّلَاة وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث عبيد الله بن عبد الله عَن رجل من الصَّحَابَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015