شَيْء وَاحِد جَازَ الْحَذف، وَأمكن الْجمع بَينهمَا بِأَن القَوْل بِجَوَاز الْحَذف فِيمَا إِذا اتَّحد الْفَاعِل وَالْمَفْعُول معنى وَالْقَوْل بِعَدَمِهِ فِيمَا إِذا كَانَ بَينهمَا الِاخْتِلَاف. والْحَدِيث هُوَ من الْقسم الأول، إِذْ تَقْدِيره: رَأَيْت نَفسِي مُعْتَرضَة أَو أعطي للرؤية الَّتِي بِمَعْنى: الإبصار، حكم الرُّؤْيَة الَّتِي من أَفعَال الْقُلُوب. قَوْلهَا: (وَرَسُول الله يُصَلِّي) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا على الأَصْل، أَعنِي: بِالْوَاو، وَكَذَلِكَ قَوْلهَا: (وَأَنا مُضْطَجِعَة) . قَوْلهَا: (غمز رجْلي) قَالَ الْجَوْهَرِي: غمزت الشَّيْء بيَدي، وَقَالَ الشَّاعِر:
وَكنت إِذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها أَو تستقيما
وغمزته بعيني، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذا مروا بهم يتغامزون} (المطففين: 03) وَالْمرَاد هُنَا الغمز بِالْيَدِ، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: (فَإِذا سجد غمزني، فقبضت برجلي، وَإِذا قَامَ بسطتهما) . وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ: (فَإِذا سجد غمزني فرفعتهما فقبضتهما، فَإِذا قَامَ مددتهما) . وَفِي رِوَايَة: (غمزها بِرجلِهِ، فَقَالَ: تنحي) . وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: (فَإِذا أَرَادَ أَن يسْجد ضرب رجْلي فقبضتهما فَسجدَ) . وَفِي رِوَايَة لَهُ: (فَإِذا أَرَادَ أَن يسْجد غمز رجْلي فضممتهما إِلَيّ ثمَّ سجد) .
ثمَّ مَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ قد ذكرنَا مُسْتَوفى فِي بَاب الصَّلَاة على الْفراش.
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ الْمَرْأَة تطرح إِلَى آخِره، وَلَفظ: بَاب منون لِأَنَّهُ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف. وَقَوله: الْمَرْأَة، مُبْتَدأ و: تطرح، خَبره وَكلمَة: من، بَيَانِيَّة. قَالَ ابْن بطال: هَذِه التَّرْجَمَة قريبَة من التراجم الَّتِي قبلهَا، وَذَلِكَ أَن الْمَرْأَة إِذا تناولت مَا على ظهر الْمُصَلِّي فَإِنَّهَا تقصد إِلَى أَخذه من أَي جِهَة أمكنها تنَاوله، فَإِن لم يكن هَذَا الْمَعْنى أَشد من مرورها بَين يَدَيْهِ فَلَيْسَ بِدُونِهِ، وَقد ترْجم على حَدِيث هَذَا الْبَاب فِي الطَّهَارَة قبل الْغسْل بقوله: بَاب إِذا ألقِي على ظهر الْمُصَلِّي قذر أَو جيفة لم تفْسد عَلَيْهِ صلَاته.
وَقد ذكرنَا هُنَاكَ مَا يتَعَلَّق بِهَذَا الحَدِيث مُسْتَوفى من كل وَجه، فلنذكر هَهُنَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من غير مَا ذكرنَا.
169 - (حَدثنَا أَحْمد بن إِسْحَاق السورماري قَالَ حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى قَالَ حَدثنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن عبد الله قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم يُصَلِّي عِنْد الْكَعْبَة وَجمع من قُرَيْش فِي مجَالِسهمْ إِذْ قَالَ قَائِل مِنْهُم أَلا تنْظرُون إِلَى هَذَا الْمرَائِي أَيّكُم يقوم إِلَى جزور آل فلَان فيعمد إِلَى فرثها ودمها وسلاها فَيَجِيء بِهِ ثمَّ يمهله حَتَّى إِذا سجد وَضعه بَين كَتفيهِ فانبعث أشقاهم فَلَمَّا سجد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَضعه بَين كَتفيهِ وَثَبت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَاجِدا فضحكوا حَتَّى مَال بَعضهم إِلَى بعض من الضحك فَانْطَلق منطلق إِلَى فَاطِمَة عَلَيْهَا السَّلَام وَهِي جوَيْرِية فَأَقْبَلت تسْعَى وَثَبت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَاجِدا حَتَّى ألقته عَنهُ وَأَقْبَلت عَلَيْهِم تسبهم فَلَمَّا قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة قَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْش اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْش اللَّهُمَّ عَلَيْك بِقُرَيْش ثمَّ سمى اللَّهُمَّ عَلَيْك بِعَمْرو بن هِشَام وَعتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة والوليد بن عتبَة وَأُميَّة بن خلف وَعقبَة ابْن أبي معيط وَعمارَة بن الْوَلِيد قَالَ عبد الله فوَاللَّه لقد رَأَيْتهمْ صرعى يَوْم بدر ثمَّ سحبوا إِلَى القليب قليب بدر ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاتبع أَصْحَاب القليب لعنة)