وقصدت. قَوْله: (قَالَ) أَي: ابْن عمر. قَوْله: (إِن صلى) ، بِكَسْر الْهمزَة، وَصلى بِلَفْظ الْمَاضِي، وَفِي رِوَايَة الكشمهني: (أَن يُصَلِّي) بِفَتْح الْهمزَة وَلَفظ الْمُضَارع، وَالتَّقْدِير: وَلَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي، وَحذف حرف سَائِغ.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ جَوَاز الصَّلَاة فِي نفس الْبَيْت. وَفِيه: الدنو من الستْرَة. وَقد أَمر الشَّارِع بالدنو مِنْهَا لِئَلَّا يَتَخَلَّل الشَّيْطَان ذَلِك. وَفِيه: الستْرَة بَين الْمُصَلِّي والقبلة ثَلَاثَة أَذْرع، وَادّعى ابْن بطال أَن الَّذِي واظب عَلَيْهِ الشَّارِع فِي مُقَدّر ذَلِك ممر الشَّاة، كَمَا جَاءَ فِي الْآثَار. وَفِيه: أَنه لَا يشْتَرط فِي صِحَة الصَّلَاة فِي الْبَيْت مُوَافقَة الْمَكَان الَّذِي صلى فِيهِ النَّبِي، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْن عمر، وَلَكِن الْمُوَافقَة أولى وَإِن كَانَ يحصل الْغَرَض بِغَيْرِهِ، وَقد ذكرنَا أَن الحَدِيث لَا يدل صَرِيحًا على الصَّلَاة بَين الساريتين، وَإِنَّمَا دلَالَته على ذَلِك بطرِيق الاستلزام، وَقد بَيناهُ. وَقد اخْتلف السّلف فِي الصَّلَاة بَين السَّوَارِي، فكرهه أنس بن مَالك لوُرُود النَّهْي بذلك، رَوَاهُ الْحَاكِم وَصَححهُ، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: لَا تصفوا بَين الأساطين واتموا الصُّفُوف) . وَأَجَازَهُ الْحسن وَابْن سِيرِين، وَكَانَ سعيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وسُويد بن غَفلَة يؤمُّونَ قَومهمْ بَين الأساطين، وَهُوَ قَول الْكُوفِيّين وَقَالَ مَالك فِي (الْمُدَوَّنَة) لَا بَأْس باصلاة بَينهمَا لضيق الْمَسْجِد. وَقَالَ ابْن حبيب: لَيْسَ النَّهْي عَن تقطيع الصُّفُوف إِذْ ضَاقَ الْمَسْجِد، وَإِنَّمَا نهى عَنهُ إِذا كَانَ الْمَسْجِد وَاسِعًا. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَسبب الْكَرَاهَة بَين الأساطين أَنه رُوِيَ أَنه مصلى الْجِنّ الْمُؤمنِينَ.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الصَّلَاة بالتوجه إِلَى الرَّاحِلَة إِلَى آخِره، وَالرَّاحِلَة: النَّاقة الَّتِي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وَتَمام الْخلق وَحسن النّظر، فَإِذا كَانَت فِي جمَاعَة الْإِبِل عرفت، و: الْهَاء، فِيهِ للْمُبَالَغَة كَمَا يُقَال: رجل داهية وراوية. وَقيل: إِنَّمَا سميت: رَاحِلَة، لِأَنَّهَا ترحل. قَالَ اتعالى. {فِي عيشة راضية} (الحاقة: 12، وَالْقَارِعَة: 7) أَي: مرضية، وَالْبَعِير من الْإِبِل بِمَنْزِلَة الْإِنْسَان من النَّاس. وَيُقَال للجمل: بعير وللناقة: بعير، وَبَنُو تَمِيم يَقُولُونَ: بعير وشعير بِكَسْر الْبَاء والشين، وَالْفَتْح هُوَ الفصيح، وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ: بعير إِذا أجذع، وَالْجمع: أَبْعِرَة فِي أدنى الْعدَد، وأباعر فِي الْكثير، وأباعير وبعران، وَهَذِه عَن الْفراء. وَمعنى: بأجذع، إِذا دخل فِي السّنة الْخَامِسَة. فَإِن قلت: إِذا أطلق الْبَعِير على النَّاقة، وَالرَّاحِلَة هِيَ: النَّاقة، فَمَا فَائِدَة ذكر الْبَعِير؟ قلت: ذهب بَعضهم إِلَى أَن الرَّاحِلَة لَا تقع إلاَّ على الْأُنْثَى، وَلأَجل ذَلِك أردفه بالبعير، فَإِنَّهُ يَقع عَلَيْهِمَا. قَوْله: (وَالشَّجر) هُوَ الْمَعْرُوف، وَفِي حَدِيث عَليّ، رَضِي اعنه، قَالَ: (لقد رَأَيْتنَا يَوْم بدر وَمَا فِينَا إِنْسَان إلاَّ نَائِم إلاَّ رَسُول ا،، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَة يَدْعُو حَتَّى أصبح) . رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد حسن. قَوْله: (والرحل) بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة: وَهُوَ للبعير أَصْغَر من القتب، وَهُوَ الَّذِي يركب عَلَيْهِ. وَهُوَ: الكور بِضَم الْكَاف. فَإِن قلت: حَدِيث الْبَاب لَا يدل إلاَّ على الصَّلَاة إِلَى الْبَعِير وَالشَّجر؟ قلت: كَأَنَّهُ وضع التَّرْجَمَة على أَنه يَأْتِي لكل جُزْء مِنْهَا بِحَدِيث، فَلم يجد على شَرطه إلاَّ حَدِيث الْبَاب، وَهُوَ يدل على الصَّلَاة إِلَى الرَّاحِلَة والرحل، وَاكْتفى بِهِ عَن بَقِيَّة ذَلِك بِالْقِيَاسِ على الرَّاحِلَة، وَقد روى غَيره: فِي الصَّلَاة إِلَى الْبَعِير وَالشَّجر، أما الصَّلَاة إِلَى الْبَعِير فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة ووهب بن بَقِيَّة وَعبد ابْن سعيد، قَالَ عُثْمَان: أخبرنَا أَبُو خَالِد، قَالَ: أخبرنَا عبيد اعن نَافِع عَن ابْن عمر: (أَن النَّبِي كَانَ يُصَلِّي إِلَى بعيره) . وَأما الصَّلَاة إِلَى الشّجر فقد ذَكرْنَاهُ الْآن عَن النَّسَائِيّ.
705651 - ح دّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ حدّثنا مُعْتَمِرٌ عنْ عُبَيْدِ ااِ عَنْ نافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ عنِ النبيِّ أنَّهُ كانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إلَيْها قُلْتُ أفَرَأيْتَ إِذا هَبَّتِ الرِّكابُ قَالَ كَانَ يَأْخُذُ هذَا الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ فَيُصَلِّي إِلَيّ آخِرَتِهِ أَو قَالَ مُؤَخِّرِهِ وكانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي ااُ عَنهُ يَفْعَلُهُ. (انْظُر الحَدِيث 034) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي. قَوْله: (يعرض رَاحِلَته فَيصَلي إِلَيْهَا) . وَفِي قَوْله: (كَانَ يَأْخُذ الرحل) : إِلَى آخِره. وَأما ذكر الْبَعِير