وَقَالَ أَبُو عَليّ: سمي قبَاء لتقبضه، وقبوت الشَّيْء: جمعته، وَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ اليلمق، فَارسي مُعرب، والقردماني. وَقَالَ السيرافي: قبَاء محشو، وَقَالَ فِي (الْجَامِع) : سمي قبَاء لِأَنَّهُ يضم لابسه. وَفِي (الصِّحَاح) : تقبيت إِذا لبست قبَاء، وَفِي (الْمُحكم) : قبا الشَّيْء قبواً جمعه بأصابعه، والقبوة انضمام مَا بَين الشفتين، والقباء من الثِّيَاب مُشْتَقّ من ذَلِك لانضمام أَطْرَافه، وَالْجمع: أقبية، وَفِي (مجمع الغرائب) للفارسي، عَن كَعْب: أول من لبس القباء سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَكَانَ إِذا أَدخل رَأسه فِي الثِّيَاب لنصت الشَّيَاطِين، يَعْنِي: فصلت أنوفها. وَزعم أَبُو مُوسَى فِي (المغيث) بِالسِّين: لنست.

563 - ح دّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قالَ حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ قامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ فَسَأَلَهُ عنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ فَقَالَ أَوَ كُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ سأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقالَ إذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثيابَهُ صَلَّى رَجُلٌ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ فِي إزَارٍ وَقَمِيصٍ فِي إزَارٍ وَقَباءٍ فِي سَراوِيلَ وَرِدَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَباءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ قالَ وَأحْسِبُهُ قالَ فِي تُبَّانٍ وَرِداءٍ. (انْظُر الحَدِيث 853) .

مُطَابقَة هَذَا للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهَا فِي ذكر الصَّلَاة فِي الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة، وصدرُ هَذَا الحَدِيث، أَعنِي الْمَرْفُوع مِنْهُ، قد تقدم الْكَلَام فِيهِ فِي آخر بَاب الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد ملتحفاً بِهِ، لِأَنَّهُ رَوَاهُ هُنَاكَ عَن عبد ابْن يُوسُف عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: (أَن سَائِلًا سَأَلَ رَسُول الله عَن الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد، فَقَالَ رَسُول ا: أَو لكلكم ثَوْبَان؟) . وَهَهُنَا عَن سُلَيْمَان بن حَرْب الخ.

وَأَيوب: هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين، وَقد تقدمُوا غير مرّة.

قَوْله: (أَو لكلكم؟) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وواو الْعَطف، أَي: لَا يجد كل وَاحِد ثَوْبَيْنِ، فَلهَذَا تصح الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد. قَوْله: (ثمَّ سَأَلَ رجل عمر) أَي: سَأَلَ عَن الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد، وَلم يسم الرجل فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون ابْن مَسْعُود، لِأَنَّهُ اخْتلف هُوَ وَأبي بن كَعْب رَضِي اتعالى عَنْهُمَا؛ فِي ذَلِك. فَقَالَ أبي: الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد، يَعْنِي لَا تكره. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك وَفِي الثِّيَاب قلَّة، فَقَالَ عمر: القَوْل مَا قَالَ أبي، وَلم يأل ابْن مَسْعُود أَي: لم يقصر. قلت: اخْتِلَاف أبي وَابْن مَسْعُود فِي ذَلِك لَا يدل على أَن السَّائِل من عمر هُوَ ابْن مَسْعُود بِعَيْنِه، وَيحْتَمل أَن يكون أبي، وَالِاحْتِمَال مَوْجُود فيهمَا، مَعَ أَنه حدس وتخمين. وَأما اخْتِلَافهمَا فِي ذَلِك فقد أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عمر وَعَن الْحسن قَالَ: اخْتلف أبي بن كَعْب وَابْن مَسْعُود فِي الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد، فَقَالَ أبي: لَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك إِذْ كَانَ النَّاس لَا يَجدونَ ثيابًا. فَأَما إِذا وجدوها فَالصَّلَاة فِي ثَوْبَيْنِ. فَقَامَ عمر على الْمِنْبَر فَقَالَ: الصَّوَاب مَا قَالَ أبي لَا مَا قَالَ ابْن مَسْعُود. قَوْله: (فَقَالَ: إِذا وسع ا) أَي: فَقَالَ عمر فِي جَوَاب الرجل الَّذِي سَأَلَهُ عَن الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد.

قَوْله: (جمع رجل عَلَيْهِ) الخ من بَقِيَّة قَول عمر. وتتمة كَلَامه، وَالضَّمِير فِي: عَلَيْهِ، يرجع إِلَى الرجل: أَي جمع رجل على نَفسه ثِيَابه، وَلَفظه: جمع، وَإِن كَانَت صِيغَة الْمَاضِي وَلَكِن المُرَاد مِنْهَا الْأَمر، وَكَذَلِكَ قَوْله: (صلى) . فَلذَلِك قَالَ ابْن بطال: يُرِيد ليجمع عَلَيْهِ ثِيَابه وَليصل فِيهَا، ذكره بِلَفْظ الْمَاضِي وَمرَاده الْمُسْتَقْبل، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذ قَالَ ايا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس} (الْمَائِدَة: 611) وَالْمعْنَى: يَقُول ا، يدل عَلَيْهِ قَول عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: {مَا قلت لَهُم إلاَّ مَا أَمرتنِي بِهِ} (الْمَائِدَة: 711) . قَوْله: (صلى رجل) . أَي: ليصل رجل فِي إِزَار ورداء، وَهَذِه تسع صور. الأولى: هَذِه، وَالْفرق بَين الْإِزَار والرداء بِحَسب الْعرف، لِأَن الْإِزَار لِلنِّصْفِ الْأَسْفَل، وَالرَّدّ لِلنِّصْفِ الْأَعْلَى. الثَّانِيَة: من الصُّور: هِيَ قَوْله: (فِي إِزَار وقميص) أَي: ليصل فِي إِزَار وقميص. الثَّالِثَة: قَوْله: (فِي إِزَار وقباء) ، أَي: ليصل فيهمَا، وَإِنَّمَا قدم هَذِه الثَّلَاثَة لِأَنَّهَا أستر وَأكْثر اسْتِعْمَالا. الرَّابِعَة: قَوْله: (فِي سَرَاوِيل ورداء) أَي: ليصل فيهمَا. الْخَامِسَة: قَوْله: (فِي سَرَاوِيل وقميص) . السَّادِسَة: قَوْله: (فِي سَرَاوِيل وقباء) . السَّابِعَة: قَوْله: (فِي تبان وقباء) . الثَّامِنَة: قَوْله: (فِي تبان وقميص) . التَّاسِعَة: قَوْله: (فِي تبان ورداء) . وَلم يقْصد بذلك الْعدَد الْحصْر، بل ألحق بذلك مَا يقوم مقَامه.

فَإِن قلت: كَانَ الْمُنَاسب أَن يَقُول: أَو كَذَا أَو كَذَا. بِحرف الْعَطف. فَلم ترك حرف الْعَطف؟ قلت: أخرج هَذَا على سَبِيل التعداد فَلَا حَاجَة إِلَى ذكر حرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015