الكلام فالمراد به الكذب. ومن هذا الوجه امتنع كثيرٌ من الناس من إطلاقه لفظ الخلق على القرآن، قلت: هذا يشعر بأن لا مانع من إطلاق الخلق على القرآن إلا ذلك، وليس الأمر كذلك بل القرآن كلامه غير مخلوقٍ لأدلةٍ دللنا لها في غير هذا الموضوع كـ «القول الوجيز» و «التفسير الكبير».

وزعم أبو الحسن البصري أنه لا يطلق على الل تعالى، وهو سهوٌ فاحشٌ لأن القرآن يكذبه، وقد ذكرنا له بعض اعتذارٍ في الكتب المشار إليها. والخلق مصدرٌ يراد به المخلوق كقوله: {هذا خلق الله} [لقمان: 11] مثل: درهم ضرب الأمير.

والخلق والخلق بمعنى كالشرب والشرب والصرم والصرم، إلا أن الخلق اختص بالهيئات والصور والأشكال المدركة بالبصر. والخلق بالسجايا والقوى المدركة بالبصيرة. وقيدده بعضهم بالنصيب الوافر من الخير، كقوله تعالى: {وما له في الآخرة من خلاق} [البقرة: 200]. ومنه: {فاستمتعوا بخلاقهم} [التوبة: 69] أي انتفعوا به.

وقولهم: هو خليقٌ بكذا أي حقيقٌ به، كأنه مخلوقٌ فيه. ونحوه: هو مجبولٌ على كذا، ومدعو إليه من جهة خلقه. ويقال: خلق الثوب وأخلق إذا بلى فهو خلقٌ ومخلقٌ وأخلاقٌ كرمةٍ. قال الراغب: «وتصورر من خلوقة الثوب الملامسة فقيل: جبلٌ أخلق، وصخرة خلقاء، وخلقت الشيء: ملسته. واخلولقت السحابة منه أو من قولهم: هو خليقٌ بكذا. قلت: ومنه قوله تعالى: {من مضغة مخلقةٍ وغير مخلقةٍ} [الحج: 5] فالمخلقة: الملساء التي لم يبدأ فيها خلقٌ ولا تخطيطٌ، وغير مخلقةٍ: هي التي بدأ فيها ذلك. وهذا موافقٌ لما قاله الراغب وصرح به الزمخشري إلا أن غيرهما لم يوافقهما. قال الفراء: مخلقة: تام الخلق، وغير مخلقةٍ: السقط. وقال ابن الأعرابي: مخلقةٌ: قد بدأ خلقه، وغير مخلقةٍ: لم يصور بعد. والخليقة: الخلق. ومنه: هم شر الخليقة. والخليقة أيضًا بمعنى الخلق. قال زهيرٌ: [من الطويل]

464 - ومهما يكن عند امرئٍ من خليقةٍ ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015