الفعل لم يكن فيه هذه المبالغة، فإن قولك: زيدٌ لا يستعطي أبلغ من قولك: لا يعطى أي تناول؛ فإنه لا يلزم من نفي التناول عنه أن لا يكون قد سأله، والحسرة من ذلك وهو أن الحسرة: الغم على ما فات والندم كأنه انحسر عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه أو انحسر عنه قواه من فرط الغم أو أدركه إعياء عن تدارك ما فرط منه.
وقيل: الحسرة: شدة الندم حتى يحسر النادم كما يحسر الذي تقدم به دابته، أي تنقطع عنه في السفر البعيد. وقوله تعالى: {يا حسرة على العباد} [يس: 30] معناه: يا حسرةً هذا وقتك لا وقت يتحسر فيه عليهم غير هذا الوقت، وهو من أبلغ مجازات القرآن. وقوله: {يا حسرتا} [الزمر: 56] أي يا حسرتي، فأبدل الياء ألفًا. وقال الأزهري: قد علم أن الحسرة لا تدعى ودعاؤها تنبيهٌ للمخاطبين. وقال ابن عرفة: أي يا حسرتهم على أنفسهم.
ح س س:
قوله تعالى: {فتحسسوا} [يوسف: 87] أي تطلبوه بحواسكم، وتحسس في الخير وتجسس في الشر، وقد تقدم تقريره في مادة الجيم. وفي الحديث: «لا تحسسوا ولا تجسسوا»؛ قال الحربي: معنى الحرفين واحدٌ وهما التطلب بمعرفة، قال ابن الأنباري: إنما سبق أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين نحو: بعدًا وسحقًا. وقيل: التجسس: البحث عن عورات الناس، والتحسس: استماع حديثهم.
قوله تعالى: {إذا تحسونهم} [آل عمران: 152] أي تقتلونهم وتستأصلونهم.