قال: أراد بما كتب الله لكم الولد.
وقد يعبر بالكتب عن الإيجاد، فيقابل بالمحو والإزالة، كقوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} [الرعد: 39] بعد قوله تعالى: {لكل أجلٍ كتابٌ}، فنبه أن لكل وقت إيجادًا فهو يوجد ما تقضي الحكمة إيجاده ويزيل ما تقتضي الحكمة إزالته، وقد دل قوله تعالى: {لكل أجل كتابٌ} على نحوٍ ما دل عليه قوله تعالى: {كل يومٍ هو في شأن} [الرحمن: 29].
قوله: {وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب} [آل عمران: 78] فالكتاب الأول: ما كتبوه بأيديهم المذكورة بقوله: {فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم} [البقرة: 79]. والثاني: التوراة. والثالث: جنس كتب الله تعالى كلها أي ما هو من شيءٍ من كتب الله تعالى وكلامه.
قوله: {فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم}، فيه تنبيهٌ أنهم يختلقونه ويفتعلونه؛ فكما نسب الكتاب المختلق إلى أيديهم نسب الكلام المختلق إلى أفواههم فقال تعالى: {ذلك قولهم بأفواههم} [التوبة: 30].
قوله: {وإذا آتينا موسى الكتاب والفرقان} [البقرة: 53] يجوز أن يكون الكتاب والفرقان عبارة عن التوراة وسماها كتابًا باعتبار ما أثبت فيها من الأحكام، وفرقانًا باعتبار ما وقع فيها من الفرق بين الحق والباطل.
قوله: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلًا} [آل عمران: 145] أشار بالكتاب إلى الحكم والقضاء المبرم، ولذلك وصفه بكونه مؤجلًا أي مذكورًا أجله ووقته.
قوله تعالى: {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها} [الفرقان: 5] أي سأل كتابها. وكنوا بذلك عن الاختلاق؛ قال بعضهم: الاكتتاب متعارفٌ في الاختلاق، وقيل: اكتتبها: كتبها من ذاته لنفسه، وقيل: كتابتها له. ومنه حديث ابن عمر: «من اكتتب ضمنًا بعثه الله تعالى» قلت: الضمن.