تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا} [آل عمران:77] فعلم أنهم قد غبنوا فيما تركوا من المبايعة وفيما تعاطوه من ذلك جميعًا. وقال بعضهم: معناه: أن الأشياء تبدو لهم بخلاف ما قدروها.
قلت: وهو في معنى قوله تعالى: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتبسون} [الزمر:47] وقال بعضهم: لأن فيه يغبن أهل الجنة أهل النار، وضرب الله الشري والبيع لذلك مثلًا، كما قال تعالى: {هل أدلكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ} [الصف:10] وقال تعالى: {فما ربحت تجارتهم} [البقرة:16]. وأصل الغبن: الإخفاء ومنه: الغبن بالفتح للموضع الذي يختفي فيه الشيء. وأنشد: [من البسيط]
1128 - لم أر مثل الفتيان في غبن الـ ... أيام ينسون ما عواقبها
ومغابن الإنسان: ما تثنى من أعضائه كالفخذين والمرافق. ومنه قولهم في المرأة: طيبة المغابن. ثم جعل الغبن عبارةً عن تحسينك صاحبك في معاملةٍ بينك وبينه بضربٍ من الإخفاء. إلا أنهم فرقوا بين المعنيين في المال وفي الرأي فقالوا في المال والبيع: غبنه يغبنه غبنًا بالسكون في غبنٍ المصدر، وبالفتح في ماضيه، وبالكسر في مضارعه. وغبن فلان رأيه يغبنه غبنًا بفتحها في المصدر، وكسرها في الماضي، وفتحها في المضارع.
وقيل: أصل الغبن: النقص؛ ومنه: غبن فلان ثوبه إذا ثنى طرفه فقصر بذلك من طوله ونقصه. وفي الحقيقة راجع إلى ما ذكرته من الستر والخفاء، لأن فيه ستر ذلك الطرف. والغبن بالفتح: ما يتساقط من أطراف الثوب الذي تقطع.
غ ث و:
قوله تعالى: {فجعله غثاء أحوى} [الأعلى:5] الغثاء: ما احتمله السيل من النبات بعد يبسه فألقاه على الجوانب. والأحوى: الشديد الخضرة، والمراد به هنا السواد. وعلى هذا لا يحتاج إلى أن يقال في الكلام تقديم وتأخير، والأصل: أحوى