الزمن، التاريخ، الحركة، التطور، الأمة، الثقافة، الحضارة، المدنية، الدولة، النهضة .. مجموعة من المصطلحات والمفاهيم تُقدَّم من خلالها فلسفة الحضارة، وتشترك في التعبير عن الحركة المتعلقة بكل من المتغيِّرَين الزمنيّ والبشريّ في صورتهما الجماعية لا الفردية. ومع أن هذا الاشتراك يسمح بشيء غير يسير من التداخل والخلط الطبيعيين، فإن تمايزًا ما ينبغي أن يلحظ ويولى من العناية ما يستحق لتفادي ما قد يجر إليه الخلط من نتائج مغلوطة في أي مشروع جاد للكلام على الحضارة تنظيرًا وتخطيطًا وتوجيهًا.
الزمن هو الفضاء الذي تتحقق فيه الظاهرة التاريخية، وفي أفق قوانينه تتخلق الحضارة. والتاريخ هو الخط البياني لسيرورة الزمن، وهو خزّان الأحداث الماضية؛ ما كان، وقانون ما سيكون، فالتاريخ؛ قانونًا، يتحقّق في صورة التاريخ؛ أحداثًا؛ أي التاريخ/العبرة. والحركة صفة ملازمة للزمن ومنعكسة على الوجودَين المادي والمعنوي، وتتحقق في مستويين: عامٍّ قاهر ذي اتجاه حتمي، وخاص متفاوت فردي أو جماعي. والتطور تقويم نسبي للحركة.
وداخل رحلة الزمن يتحقق الوجود الإنساني الجماعي من خلال مفهوم الأمة، والأمة هي التعيُّن الحيويّ لقيم كلية جماعية، وتجسيد إنساني لموقف خاص واحد من الوجود والحياة، تتبناه مجموعة بشرية، ويُعبَّر عنه بكلمة "ثقافة"، والثقافة علامة فارقة على كل تجمع بشري متماسك (مجتمع، أمة)، وهي في الوقت نفسه صانعة لهذا المجتمع ومانحة له هويته وتماسكه. ويبدو أن لقب الحضارة هو وصف قيمة