الحياة والواقع وتحويل طاقتها إلى إنجازات خلاقة، فتتقدم الحضارة على مختلف المستويات. ثم يعقب ذلك جيل يرث المكاسب ويتعلق بها لتغدو غاية في ذاتها، ويغفل عن المولّد الحقيقي لها، وتتضخم لديه الميول الفردية والإحساس بالذات والتنافس في المصلحة، ويتمسّك بالفكرة شعاراتٍ مبهِجة معطَّلة، وتقاليد آلية مفرَغة من المعنى، إنه الجيل "المقلِّد" (?) الذي يؤثر المتعة ويعيش الترف ويتعلق بالقشور في كل شيء؛ في السياسة والمادة والمعرفة والدين أيضًا .. والميل إلى الإفراط يعني فيما يعني تحفيز ردة فعل معاكسة إلى التفريط، فتعرف الحضارة في تلك الحقبة خليطًا من التيارات المتناقضة المتصارعة، كالمادية والعقلانية والروحية والأصولية والشعبية .. ويتعمّق تفاوت طبقي بين الفئات الاجتماعية، وتشرذم سياسي يقطع أوصال العصبية الجامعة إلى ولاءات شخصية وعرقية تفتقد الحماسة الشعبية .. ومع ذلك كله، فإن تلك المرحلة تشهد ذروة الرقي المادي والمعرفي للحضارة، لأن الترف والتنافس حافزان على التجويد مشجعان على الإنجاز، ولأن السلطات الثلاث: القوة، والمادة، والمعرفة، ما زالت تعرف كثيرًا من التكامل. ثم يأتي قرن لا يجد في الفكرة قيمة، حتى أن تكون شعارًا! وتتصارع السلطات الثلاث وتتعارض بعد أن كانت متكاملة، بل تنقطع الصلات بينها وتتصادم (?)،
ويلجأ "الهادم" (?) - وهو الفرع الأخير من فروع السلسلة