وانطفائها في علاقتها بالمتغيّر البشري، كما تهتم بتحديد مفهوم الحضارة، وتبحث في قضية الدور الحضاري، وشروط تخلق الظاهرة الحضارية وانهيارها.
تسعى الدراسات الحضارية اليوم إلى تصدر قائمة اهتمامات المفكرين العرب، فبعد قرن كامل من التجريب وجدت الأمة أن الحصيلة عاجزة عن أن تقدم إجابات جوهرية فيما يتعلق بقضية النهوض الحضاري، وتفسير العلل الحقيقية وراء المأزق الذي تعيشه هذه الأمة، بالإضافة إلى أن سلسلة التجارب الفاشلة، والانكسارات المتلاحقة، وما كرسته من خيبات، أفقدت الثقة في الاجتهادات التي قُدِّمت، والاختبارات التي تم تطبيقها!! وتحاول هذه الدراسة مواجهة الظاهرة الحضارية في ذاتها بالتجرد عن سلطان المأزق الذي يوجه الدراسات العربية غالبًا ويقودها في المسار الخاطئ، لأن الأزمات الحضارية تعرض تجليات خادعة لحقيقتها، وإشكالياتُها تنبع من صميم قانون التخلّق الحضاري، وتقدّم غير شروطه، فما يكون علة يصير نتيجة، وتنعكس المعادلة في المنقلب!
يمكن وصف هذه الدراسة بأنها عتبة للدخول إلى عالم الحضارة الرحب، وأسهم دالّة إلى قوانينها الكبرى، وخطوة أولى في مشروع ضخم آمل - بعون المولى - تمامه. وقد تمّ إنجاز هذه الدراسة مع مطلع عام 2009، ولم يُيسَّر لي نشره إلا اليوم، وقد تهيّأ لي خلال هذه المدة أن أنجز حلقة أخرى في هذه السلسلة هي بحث علمي محكّم (?)