ومن أشهر أسماء القرآن الكريم:

«الكتاب»:

وهذه المادة مأخوذة في أصلها من الكتب، أي الجمع، ومنه الكتيبة للجيش لاجتماعها، ثم أطلقت على الكتابة، لجمعها الحروف (?)، وسمّي القرآن بذلك لأنه يجمع أنواعا من القصص والآيات والأحكام والأخبار على أوجه مخصوصة، كما ذكروا.

إلا أنا نرى حقا ما قرره المحقق الدكتور محمد عبد الله دراز (?) أن في تسمية القرآن بهذين الاسمين: القرآن والكتاب: «إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلا بعد جيل، على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفّاظ بالإسناد الصحيح المتواتر.

وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيّها بقي القرآن محفوظا في حرز حريز، إنجازا لوعد الله الذي تكفل بحفظه حيث يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (?)، ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند، فإن الله لم يتكفل بحفظها، بل وكلها إلى حفظ الناس فقال تعالى: وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ (?)، أي بما طلب إليهم حفظه.

والسر في هذه التفرقة أن سائر الكتب السماوية جيء بها على التوقيت لا التأبيد وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليها، فكان جامعا لما فيها من الحقائق الثابتة، زائدا عليها بما شاء الله زيادته، وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015