هذا الموضوع يدرس جوانب الظروف العامة التي أحاطت بنزول القرآن، وليس قاصرا على ما يدل عليه ظاهر العبارة من تقسيم القرآن إلى مكي نزل بمكة أو مدني نزل
بالمدينة، ومن هنا فإن هذا الموضوع يحتل أهمية كبيرة في دراسة بلاغة القرآن، لما يكشفه من توفر عميق لأصل البلاغة ومراعاة مقتضى الحال، إلى جانب توفر عنصر آخر من سمات إعجاز القرآن هو انعتاقه من قيود الزمان والمكان وانطلاقه من إسار البيئة الضيقة ليحلق في علياء الموضوعية التي يخاطب بها الإنسان في كل زمان، وفي أي مكان.
تعددت طرائق علماء هذا الفن في كيفية التمييز بين القرآن المكي والقرآن المدني، على ثلاثة نماذج نوضحها فيما يلي:
المذهب الأول: أن القرآن المكي هو ما نزل قبل الهجرة، والقرآن المدني هو ما نزل بعد الهجرة.
وهذا هو أشهر الاصطلاحات في المكي والمدني (?)، ويمتاز بشمول تقسيمه جميع القرآن لا يخرج عنه شيء، حتى كان عموم قولهم في المدني:
«ما نزل بعد الهجرة» يشمل ما نزل بعد الهجرة في مكة نفسها في عام الفتح أو عام حجة الوداع، مثل آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ....