ولذلك أمثلة كثيرة أتى في دراستها العلماء بروائع الإعجاز القرآني.
وأسلوب القصة في القرآن جزء من أسلوبه المعجز بخصائصه العامة.
لكنا هنا نقف على جديد في الأسلوب هو تجاوب أسلوب القص الفني في القرآن مع أحدث فنون القصة، فأنت واجد في قصص القرآن مقومات القصة الفنية من تمهيد وعرض أحداث وعقدة وحل للعقدة، ثم خاتمة ونهاية للقصة.
بل تجد في قصص القرآن ما لا يخطر على بالك، ذلك هو خصوصية المسرحية وما يسمى بالأسلوب التمثيلي، حتى إن القصة في القرآن ليمكن أن تعرض مسرحيا دون أي تعديل فيها. وذلك ما لا يتأتى في غيره من القصص إلا أن تكون قد كتبت وأعدت إعدادا خاصا لهذا الغرض.
ومن يتأمل ما ورد في سورة غافر من قصة موسى مع فرعون وجد مصداق ذلك في تلك الآيات (?):
فقد ذكر في هذه السورة من قصة موسى مع فرعون ما يلائم غرض السورة العام وهو معالجة قضية الحق والباطل، وبدأت أولا بهذا التمهيد:
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ... فتهيأت الأذهان بهذا التمهيد للقصة التي جاءت بمثابة المثال التطبيقي لهذه القاعدة الكلية التي مهدت بها السورة.
ثم جاءت العقدة مبكرة- وقد تأتي في مواضع أخرى متأخرة عن مثل هذا الموقع- والعقدة: وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ... وهنا يأتي دور مؤمن آل فرعون الذي كتم إيمانه من قبل، لكنه الآن يرى الواجب يدعوه لقولة الحق، فتصرف بما يوجبه عليه الموقف بحكمة وتبصر. ودار الحوار وسط تشوق العقل لمعرفة النتيجة وكيف حل العقدة التي لم تتأثر بهذا المنطق السديد الحكيم، فكان الحل أخيرا بهذا الأخذ الإلهي: