علي الرازي المشهور بالجصّاص نسبة إلى العمل بالجصّ، ولد سنة 305 وتوفي سنة 370. أخذ الفقه عن أبي سهل الزجاج وأبي الحسن الكرخي وعن غيرهما من فقهاء عصره، وأخذ الحديث وتوسع فيه ورحل إلى الآفاق، فأخذ عن ابن قانع والطبراني وجماعة من الأئمة الحفّاظ.
استقر له التدريس ببغداد وانتهت إليه الرحلة، وكان على طريق شيخه الكرخي وبه انتفع، وكان الجصاص زاهدا ورعا متعبدا، عرض عليه منصب قضاء القضاة فامتنع منه، وعظم الانتفاع به وانتهت إليه رئاسة الحنفية وتخرّج به أصحاب المذهب، وكان له فضل كبير في إظهار حجج الحنفية وأدلتهم.
ويحتج في كتبه بالأحاديث المتصلة بأسانيده.
له كتب كثيرة، منها: أصول الفقه، وشرح مختصر الطحاوي، وأهمها كتاب (أحكام القرآن) (?).
هذا التفسير هو أول تفسير فقهي مطبوع، وأهم كتب التفسير الفقهي، لما فيه من عمق الاستنباط وفنون الاستدلالات، وقد شمل آيات الأحكام كلها على ترتيبها في المصحف، لكنه مع ذلك مبوّب على مثال ترتيب كتب الفقه، يضع لكل آية أو آيات عنوانا يدل على مضمون المسائل التي تستنبط منها أو تتفرع عليها، فكان بذلك أسبق من العصريين في اتباع هذه الطريقة.
ومن مزايا هذا التفسير أنه لا يقتصر على ذكر الأحكام التي تستنبط من الآيات، بل يستطرد إلى تفريع مسائل تتفرع منها، ويذكر فيها خلافيات بين الأئمة والأدلة بتوسع كثير.
ويعتني الإمام الجصاص في كل مسائل كتابه بتأييد مذهب الحنفية، بأن