(- 92 هـ) وجابر بن زيد (- 93 هـ) وإبراهيم بن يزيد النخعي (- 96 هـ) وهم قوم لما يجدوا الضرورة الملجئة إلى الإكتاب بل ما تزال الأخبار عن الخلفاء الراشدين وكراهتهم الكتابة قريبة عهد منهم، شديد الشيوع في عصرهم، توحي بالكثير من ورع هؤلاء السادة الأخيار، فلا غرو أن يتأسَّوْا بهم ويقولوا بقولهم. ولا عجب أنْ يعد الواحد منهم تخليد كتاب عنه خطأ وإثماً: ولذلك قال عُبيدة لإبراهيم: «لاَ تُخَلِّدَنَّ عَنِّي كِتَابًا» حين علم أنه يكتب عنده (?). وإذا بإبراهيم يقف عند هذه الوصية ويقول بعدها: «مَا كَتَبْتُ شَيْئًا قَطُّ» (?).

ومما زاد في كراهة القوم للكتابة أنَّ آراءهم الشخصية بدأت تشتهر، فكانوا يخشون إذا كتب الناس عنهم الأحاديث أن يكتبوا إلى جانبها هاتيك الآراء. ولدينا من الأخبار ما يؤكد هذا ويثبته، ولعل من أوضحه في عصر كبار التابعين ما رَوَوْا من أنه قيل لجابر بن زيد (- 93 هـ): إنهم يكتبون رأيك، فقال مستنكرًا: «يَكْتُبُونَ مَا عَسَى أَنْ أَرْجِعَ عَنْهُ غَدًا؟!» (?).

واستنكار هؤلاء جميعاً الكتابة عنهم يعني من طريق غير مباشر أنَّ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015