ولدينا من الأخبار مَا يُؤَكِّدُ وُلُوعَ هَمَّامٍ بِالكُتُبِ وَاقْتِنَائِهَا وَإِمْلاَئِهَا، فَقَدْ كَانَ «يَشْتَرِي الكُتُبَ لأَخِيهِ وَهْبٌ» (?) وكان يخرج إلى الناس الكتب والكراريس فَيُمْلِي منها الأحاديث (?).
ليس علينا إذن أنْ ننتظر عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز حتى نسمع للمرة الأولى - كما هو الشائع - بشيء اسمه تدوين الحديث أو محاولة لتدوينه. وليس علينا أنْ ننتظر العصر الحاضر لنعترف بتدوين الحديث في عصر مُبَكِّرٍ جرياً وراء بعض المستشرقين كجولدتسيهر Goldziher وشبرنجر Springer، لأنَّ كتبنا وأخبارنا ووثائقنا التاريخية لا تدع مجالاً للشك في تحقيق تقييد الحديث في عصر النَّبِي نفسه وليس على رأس المائة الثانية للهجرة كما يمنُّ علينا هذان المستشرقان، وهي تنطق - فوق ذلك - بصدق جميع الوقائع والأقوال والسير والتصرفات التي تنطوي عليها الأحاديث الصحاح والحسان في كتب السُنَّة جميعاً لا في بعضها دون بعض كما يظن دوزي عز وجلozy.
إنَّ هؤلاء المستشرقين لم تجشَّمُوا جمع الأدلة والبراهين على إثبات تدوين السُنَّة لإسداء خدماتهم الخاصة إلينا أدبنا وشريعتنا، بل لهم أغراض