هشام بن عبد الملك سأله أن يملي على بعض ولده شيئًا، فأملى عليه أربعمائة حديث، وَخَرَجَ الزُّهْرِيُّ فَقَالَ: «أَيْنَ أَنْتُمْ يَا أَصْحَابَ الحَدِيثِ»، فَحَدَّثَهُمْ بِتِلْكَ الأَرْبَعِمِائَةٍ. ثُمَّ لَقِيَ هِشَامًا بَعْدَ شَهْرٍ [أَوْ] نَحْوِهِ، فَقَالَ هِشَامٌ لِلْزُّهْرِيِّ إِنَّ الكِتَابَ ضَاعَ مِنِّي، فَدَعَا بِكَاتِبٍ، فَأَمْلاَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَابَلَ هِشَامٌ بِالكِتَابِ الأَوَّلِ، فَمَا غَادَرَ حَرْفًا وَاحِدًا، فلما أعجب بعلمه جعله مؤدب أولاده.
وضبطه للحديث بهذه الدقة والعناية هو الذي حَمَلَ عمرو بن دينار على أن يعترف بفضله ويقول: «مَا رَأَيْتُ أَنَصَّ لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ» فهو يحرص على رواية الحديث بنصه. وقد قيل: إن أحاديثه بلغت ألفًا ومائتين (1200)، لكن المسند منها يناهز نصفها.
روى الزهري عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفر، وسهل بن سعد، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح.
وله روايات مرسلة عن عبادة بن الصامت، وأبي هريرة، ورافع بن خديج وسواهم.
ويرى البخاري أن أصح أسانيده «الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ»، أما أبو بكر بن أبي شيبة فيرى أن أصح أسانيده «الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلِيٍّ بْنِ الحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيٍّ» (?).
هو الفقيه، المقرئ، الناسك، سعيد بن جبير الأسدى الكوفي،