«لا نعلم أحدًا من علماء العربية خالف في هذه المسألة ما أبداه الشيخ أبو حيان (- 745 هـ) في " شرح التسهيل "، وأبو الحسن [ابن] الضائع (- 680 هـ) في " شرح الجمل "، وتابعهما على ذلك الجلال السيوطي (- 911 هـ)».
«وأغلب الظن - كما يقول الأستاذ سعيد الأفغاني -: أن من لم يستشهد بالحديث من المتقدمين لو تأخر به الزمن إلى العهد الذي راجت فيه بين الناس ثمرات علماء الحديث من رواية ودراية لقصروا احتجاجهم عليه بعد القرآن الكريم، ولما التفتوا قط إلى الأشعار والأخبار التي لا تلبث أن يطوقها الشك إذا وزنت بموازين فن الحديث العلمية الدقيقة» (?).
وبهذا المذهب المنطقي السليم لا نملك إلا أن نرد قضية الاحتجاج إلى معيار لا يخطئ أبدًا: وهو معيار الفصاحة والصفاء والسلامة من الفساد، فلا يحتج في الحديث ولا في غيره بمن لابس الضعف لغته، وخالطت العجمة كلامه، وتسربت الركة إلى لفظه مهما يَسْمُ مقامه. وكان هذا المعيار الدقيق كفيلاً - لو عرفه اللغويون المتقدمون في وقت مبكر - بإرساء قواعد اللغة وأصول النحو على دعائم ثابتة قوية، وبقطف ثمار تلك الأصول في نتاج نحوي غني بالشواهد كنتاج ابن مالك وابن هشام، من رجال النحو المتأخرين وأئمته الأعلام.