التعبير - أن مرادنا من «النحو» كلما ذكرناه في هذا الفصل أصوله الكبرى التي تشتمل على مسائل لغوية محضة اشتمالها على جزئيات نحوية صرفة: فأصول النحو هذه - على هذا الاصطلاح العام الشامل - هي التي تلقت تأثير الحديث، وأخذت من «منهجيته» الشيء الكثير.
على أن تأثير الحديث في أصول النحو - على اتساعه وعمقه وبعد مداه - كان على وجهين: أحدهما رافق نشأة علم الحديث قبل أن ينضج، والآخر شهد احتراق هذا العلم بعد أن نضج وآتى أكله اليانع الشهي!.
وليس لنا في الوجه الأول أن نغلو في هذا الثأثير ولا أن نطيل، فإنا لنتصور الآن نشأة التفكير بإسناد الحديث سَاذَجًا أَوَّلِيًّا في عصر الخلفاء الراشدين، ثم نتصور نشأة التفكير - سَاذَجًا أَوَّلِيًّا أيضًا - بوضع مسائل في النحو والعربية في عهد عَلِيٍّ آخر هؤلاء الراشدين، ونبصر القوم في هذا المضمار أو ذاك يُعْنَوْنَ بضبط روايتهم التي يستمدون منها مسألة نحوية عنايتهم بضبط التي يستنبطون منها حُكْمًا شَرْعيًّا: فأبو الأسود الدؤلي الذي اشتهر بأنه سبق إلى وضع مسائل في العربية (?) إنما عزا إلى عَلِيٍّ التفكير الأول في ذلك الأمر، وفي عزوه هذا ضرب من الإسناد يؤكد التبكير في إيضاح طريق التحمل والأداء ولو لم يتعلق المروي بموضوع ديني تشريعي. وأبو الأسود، كما نقل عن عَلِيٍّ هذه الرواية وأسندها، أخذ عنه الكثير من فتواه في الدين عَازِيًا إليه ما أخذ أوضح ما يكون العزو والإسناد. فما يُظَنُّ من صعوبة تحديد الوقت