أقرب، وبه أشبه: وذلك حين يحدث الشيخ مثلاً فيسرق إسنادًا معينًا، ثم يعرض له ما يستوجب كلامه في غير سياق الحديث الذي يريد أن يرويه، فيظن السامع أن كلامه العارض هو المتن الذى من أجله ساق الإسناد، فيتحمله منه، ويؤديه عنه. مثاله مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الطَّلْحِيِّ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُوسَى العَابِدِ الزَّاهِدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا «مَنْ كَثُرَتْ صَلاَتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ».

قَالَ الحَاكِمُ: دَخَلَ ثَابِتٌ عَلَى شَرِيكٍ وَهُوَ يُمْلِي، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَكَتَ لِيَكْتُبَ المُسْتَمْلِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى ثَابِتٍ، قَالَ: مَنْ كَثُرَتْ صَلاَتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ. وَقَصَدَ بِذَلِكَ ثَابِتًا لِزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، فَظَنَّ ثَابِتٌ أَنَّهُ مَتْنُ ذَلِكَ الإِسْنَادِ ; فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ شَرِيكٍ، [فَإِنَّهُ] قَالَهُ عَقِبَ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ». فَأَدْرَجَهُ ثَابِتٌ فِي الخَبَرِ، ثُمَّ سَرَقَهُ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَحَدَّثُوا بِهِ، عَنْ شَرِيكٍ (?).

مثل هذا الحديث يرى ابن حجر أنه مدرج، فهو ضعيف، وليس بموضوع، ولكن أبا عمرو بن الصلاح يعتبره نوعًا من الموضوع على غير تعمد، وقد تابعه على ذلك النووي والسيوطي.

والواقع أن من العسير جِدًّا الحكم بالوضع على حديث ما، لأن التسرع في الوصف بالوضع كالتسرع في الوصف بالصحة إنما يصدر عن باحث متساهل يلقي الكلام على عواهنه. أما ما يندرج تحت إحدى القواعد الخمس التي ذكرناها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015