على أننا - نحمد الله - أن حفظ دينه من عبث العابثين، وكلام نبيه من كذب الوضاعين بما قيض للأمة من علماء أمناء مخلصين مازوا الخبيث من الطيب، وعرفونا أسباب الوضع، وَجَرَّحُوا الوضاعين، وكشفوا معايبهم، وَأَلَّفُوا الكتب في الموضوعات يجمعونها، وأحيانًا يحفظونها، لِكَيْلاَ يلتبس عليهم منها شيء.
وأشهر الكتب في بيان الأحاديث المختلفة كتاب " الموضوعات "، لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (ت 597 هـ) أخذ أكثره من كتاب " الأباطيل " للجوزقاني، وكان هذا الأخير يحكم بالوضع على كل حديث يخالف السنة النبوية فعلاً أو تركًا (?)، فكان على ابن الجوزى وقد تاثر بمنهجه أن يقع في كثير من الأخطاء التي تشبه أخطاءه هو «أي الجوزقاني»، وهكذا حكم ابن الجوزي بالوضع على بعض الصحاح والحسان. بل لقد حكم بوضع حديث في " صحيح مسلم "، وهو حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ، أَوْشَكْتَ أَنْ تَرَى قَوْمًا يَغْدُونَ فِي سَخَطِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ فِي لَعْنَتِهِ، فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ البَقَرِ» (?) وقد تعقبه الحافظ ابن حجر فقال: «وَلَمْ أَقَفْ فِي كِتَابِ " المَوْضُوعَاتِ " لاَبِنَ الجَوْزِيِ عَلَى شَيْءٍ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالوَضْعِ وَهُوَ فِي أَحَدِ " الصَّحِيحَيْنِ " غَيْرَ هَذَا الحَديثِ، وَإِنَّهَا لَغَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ مِنْهُ!» (?). ووجد ابن حجر في تعقبه لابن الجوزى أربعة وعشرين حديثًا من " المسند " أوردها هذا في كتابه على أنها موضوعات، فَرَدَّ عليه حكمه ودافع عن صاحب " المسند " الإمام أحمد بن حنبل في