على أن ابن كثير لا يصدق هذه الأخبار المنسوبة إلى عثمان بن أبي شيبة، ويدافع عنه دِفَاعًا حَارًّا فيقول: «وَمَا يَنْقُلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَنْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَحِّفُ قِرَاءةَ القُرْآنِ فَغَرِيبٌ جِدًّا، لأَنَّ لَهُ كُتَّابًا فِي التَّفْسِيرِ! وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَشْيَاءٌ لاَ تَصْدُرُ عَنْ صِبْيَانِ المَكَاتِبِ!!» (?).
ولئن أحيطت مثل هذه التصحيفات بكثير من الريبة في صحتها، لوقوعها في القرآن وصدورها عن عالم حافظ، مفسر، محدث، فإن من العسر علينا أن ننكر ضروبًا من التصحيف وقعت في متون الأحاديث تارة، وفي أسانيدها تارة أخرى، وإن أي كتاب في مصطلح الحديث ليشتمل من هذا الباب على أمثلة كثيرة. وما أحسن قول الإمام أحمد: «وَمَنْ يَعْرَى عَنِ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ»؟! (?).
والمصحف أكثر ما يقع في المتون، وقد يقع في الأسماء التي في الأسانيد (?): فمن مصحف المتن أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ أُجْلِسَ لِلتَّحْدِيثِ شَيْخٌ يُعْرَفُ بِمَحْمِشٍ فحدث أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ البَعِيرُ؟!» يُرِيدُ «مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» (?).
ومنه ما رواه زَكَرِيَّا بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: " صَحَّفَ بَعْضُهُمْ: «لاَ يُوَرَّثُ حَمِيلٌ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ» فَقَالَ: لاَ يَرِثُ جَمِيلٌ إِلاَّ بُثَيْنَةَ " (?) وصحف