على ما يقابل القديم، وهم يريدون بالقديم كتاب الله، وبالجديد ما أضيف إلى رسول الله. قال شيخ الإسلام ابن حجر في " شرح البخاري ": «المُرَادُ بِالْحَدِيثِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ: مَا يُضَافُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مُقَابَلَةُ الْقُرْآنِ لأَنَّهُ قَدِيمٌ» (?) وهذا يُفَسِّرُ لنا - إلى حد كبير - تَوَرُّعَ كثير من العلماء من إطلاق اسم الحديث على كتاب الله واستبدالهم «كَلاَمَ اللهِ» بحديث الله. وفي " سنن ابن ماجه " رواية لحديث نبوي تكاد تقطع بضرورة هذا الورع وهذا الأدب في التعبير: عن عبد الله بن مسعود أَنَّ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ: الْكَلاَمُ وَالْهَدْيُ. فَأَحْسَنُ الْكَلاَمِ كَلاَمُ اللَّهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ» (?).

وإذا وجدنا في جُلِّ كتب السُنَنِ «إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ» ثم لا حظنا تَفَرُّدَ ابن ماجه برواية «أَحْسَنُ الْكَلاَمِ» أدركنا أنه ليس بمستبعد أَنْ يكون الورع حمله على إيثار هذا التعبير، وكان أقل ما نستنبطه من ذلك أَنَّ في العلماء مَنْ تَحَرَّجَ من إطلاق اسم الحديث على كتاب الله القديم.

والنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّى بنفسه قوله «حَدِيثًا» وكاد بهذه التسمية يُمَيِّزُ ما أضيف إليه عما عداه، حتى كأنه وضع الأصول لما اصطلحوا فيما بعد على تسميته «بِالحَدِيثِ». جاءه أبو هريرة يسأله عن أسعد الناس بشفاعته يوم القيامة، فكان جوابه - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -: «أَنَّهُ عَلِمَ أَنْ لَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ قَبْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِحَرْصِهِ عَلَىَ طَلَبِ الحَدِيثِ» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015