«بِالحُسْنِ» ثبتت من طريق أخرى لها شروط «الصِحَّةِ»، فما يقول فيه الترمذي: «حَسَنٌ صَحِيحٌ» أعلى عنده من الحسن ودون الصحيح (?). وقد أزال الحافظ ابن حجر كل إشكال حول هذا البحث حين قال: «وَشِبْهُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الرَّاوِي: صَدُوقٌ فَقَطْ، وَصَدُوقٌ ضَابِطٌ، فَإِنَّ الأَوَّلَ قَاصِرٌ [عَنْ] دَرَجَةِ رِجَالِ الصَّحِيحِ، وَالثَّانِيَ مِنْهُمْ. فَكَمَا أَنَّ الجَمْعَ بَيْنَهُمَا لاَ يَضُرُّ وَلاَ يُشْكِلُ، فَكَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْحُسْنِ» (?).
وأما وصف الحسن الصحيح بالغرابة فقائم على أن الصحيح يروى أحيانًا من وجه واحد فيكون غريبًا، فالحسن الذي هو دون الصحيح أجدر أن يوصف كذلك بأنه غريب. ولابن حجر مذهب آخر في تعليل هذا المصطلح، فهو يرى أن الترمذي «لَمْ يُعَرِّفْ الحسن مطلقًا، وإنما عَرَّفَهُ بنوع خاص منه وقع في كتابه، وهو ما يقول فيه «حَسَنٌ» من غير صفة أخرى، وذلك أن يقول في بعض الأحاديث: حسن، وفي بعضها: صحيح، وفي بعضها: غريب، وفي بعضها: حسن صحيح، وفي بعضها: حسن صحيح غريب. وتعريفه إنما وقع على الأول فقط، وعبارته ترشد إلى ذلك حيث قال في آخر كتابه (*): «وَمَا [ذَكَرْنَا فِي هَذَا الكِتَابِ] (حَدِيثٌ حَسَنٌ) فَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِهِ حُسْنَ إِسْنَادِهِ عِنْدَنَا، كُلُّ حَدِيث يُرْوَى [لاَ يَكُونُ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ] بِالكَذِبِ وَلاَ يُكُونُ [الحَدِيثُ] شَاذًّا [وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوَ ذَاكَ] فَهُوَ عِنْدَنَا حَدِيثٌ حَسَنٌ». فَعُرِفَ بهذا أنه إنما عَرَّفَ الذي يقول