العالمين؟ لكنا نظن أَنَّ العرض الجديد لا ينافي النقل الدقيق، وَأَنَّ الموازنة بين النصوص لا تعارض التحقيق: وبهذا الروح، مَعَ تَهَيُّبٍ شَدِيدٍ وَحَذَرٍ أَشَدَّ، خُضْنَا في كثير من البحوث الشائكة مُدْلِينَ غَالِبًا بالرأي الذي نختاره أو نُرَجِّحُهُ، فأوردنا ما يستحيل نقضه من البراهين على كتابة الحديث في حياة الرسول العظيم - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واستشهدنا بالكثير من الصحف وَالمُدوَّنَاتِ والوثائق التاريخية، وانتهينا إلى أََنَّ القوم لم يُعَوِّلُوا على الذاكرة وحدها في حفظ السُنَّةِ، بل كتبوها مثلما حفظوها في صدورهم في عهد مُبكِّرٍ، وانتقلنا إلى عرض تاريخي تَعَقَّبْنَا فيه الرحلة في طلب الحديث، والتحول منها إلى صور أخرى من تحمل العلم وأدائه، وناقشنا تلك الصور وَوَازَنَّا بينها، ثم خلصنا منها إلى كلمة عجلى في أهم التصانيف في علوم الحديث المختلفة، وَحَقَّقْنَا القول في شروط الراوي، ورأينا ما في هذه الشروط من المقاييس الإنسانية المُسَلَّمَةِ في القديم والحديث، ثم مضينا إلى أقسام الحديث نستقي مصطلحاتها الدقيقة من أوثق الكتب وَأَهَمِّهَا، فابتدأنا بـ " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي " للرامهرمزي الذي كان أول من ألَّفَ في مصطلح الحديث كما هو الشائع، وانتهينا بـ " قواعد التحديث " لعلاَّمة الشام المرحوم السيد جمال الدين القاسمي.
وعندما أفضينا إلى الباب الذي عقدناه لمكانة الحديث في التشريع واللغة والأدب، أوضحنا كيف شملت السُنَّةُ كل آفاق التشريع، وكيف اسْتَقَلَّتْ أَحْيَانًا بتبيان الحلال والحرام ولو كان أصلها في الكتاب، وَفَصَّلْنَا القول في خبر الآحاد وشروط الاحتجاج به، ووصفنا تبكير القوم
[ك]